409

Intisar

الأنتصار على علماء الأمصار - المجلد الأول حتى 197

Yankuna
Yaman

- وإما بأن تكون في نفسها جافة، لكن الشيء الطاهر الذي جاورها يكون رطبا فإنه يكون مخالطا لها بما فيه من الرطوبة فينجس من أجل ذلك، فمن غسل يده وأمرها على كلب أو خنزير فإنها تكون نجسة؛ لأنها بما فيها من البلة لاقت النجس فكانت نجسة، فحصل من مجموع ما ذكرناه أن جميع الأعيان الطاهرة لا ينجس شيء منها بملاقاة [شيء] من النجاسات إلا إذا كان أحدهما رطبا.

الفرع الثالث : إذا وقعت في الأرض نجاسة ذائبة كالبول والخمر وكاثرها بالماء، فهل تطهر على الإطلاق أم لا؟ فيه مذهبان:

أحدهما: أنها تطهر بالمكاثرة من غير نظر إلى حالها، وهذا هو رأي الشافعي.

والحجة على ذلك: ما روى أبو هريرة أن أعرابيا دخل مسجد الرسول فقال: اللهم ارحمني ومحمدا ولا ترحم معنا أحدا. فقال الرسول : (( لقد تحجرت واسعا )). فما لبث أن قام إلى زاوية المسجد فبال فيها فابتدره أصحاب النبي . فقال النبي : (( دعوه )). ثم دعا بذنوب من ماء فأراقه عليه ثم قال: (( علموا ويسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا ))(¬1). والذنوب: هو الدلو الكبيرة.

وثانيهما: أنه ينظر فإن كانت الأرض رخوة ينزل فيها الماء، وصب عليها الماء فإنها تطهر، وإن كانت صلبة لم يجز إلا حفرها ونقل التراب وهذا هو رأي أبي حنيفة.

والحجة على ذلك: هو أنها إذا كانت رخوة ذهبت أجزاء النجاسة مع الماء بخلاف ما إذا كانت صلبة فإنها تطهر على وجه الأرض والماء قليل ينجس بملاقاة النجاسة، فلهذا وجب حفر ما اتصل بالنجاسة وإلقاؤه، فعند ذلك تطهر الأرض بقلع التراب وإزالته.

والمختار في ذلك: تفصيل نشير إليه، هو أن الأرض إن كانت رخوة فلا كلام في طهارتها، فأما إذا كانت صلبة، فإنه ينظر في الماء الذي كوثرت به النجاسة، فإن كان متغيرا بها لم يطهر إذا ظهر فيه ريح أو لون، وإن لم يظهر فيه تغير بالنجاسة طهرت الأرض بالماء وإن لم تنشفه.

الانتصار على الشافعي: احتج بحديث أبي هريرة.

قلنا: أرض المسجد كانت رخوة؛ لأنه رمل وكلامنا إذا كانت صلبة لا ينزل فيها الماء، فليس في حديث أبي هريرة حجة على ذلك.

Shafi 416