259

Intisar

الأنتصار على علماء الأمصار - المجلد الأول حتى 197

Nau'ikan

Fikihu

قلنا: هذا فاسد بالمعارضة، فإن الوجه واليدين عضوان من أعضاء الوضوء فلا يثبت فيهما بدل كالرأس والرجلين، ثم نقول: لو كان الرأس والرجلان كالوجه واليدين كما زعمتم لثبت فيهما مقصورا عليهما كما ثبت ذلك في الوجه واليدين، فلما كان بدلهما عاما في جميع الأعضاء بطل القياس. على أن هذه الأقيسة التي أوردتموها لنصرتكم إنما هي من الأقيسة الطرديه التي لا يعول عليها، وما أوردناه من الأقيسة فهو مثلها، ولم نوردها اعتمادا عليها وإنما أوردنا معارضة الفاسد بالفاسد، وهو مقصد في الجدل ينتحيه النظار من الفقهاء ويجعلونه عمدة فيما هذا سبيله، فأما ما يعول عليه في تقرير الأحكام الفقهية ويعتمد في مجاري المضطربات الاجتهادية، فهي الأقيسة المخيلة والشبهية، وستراها مقررة في أثناء هذا الكتاب وغضونه بمعونة الله تعالى وحسن توفيقه.

مسألة: الماء إذا تنجس بأي نجاسة كانت، فلا يجوز التطهر به عند أئمة العترة وفقهاء الأمة، على حد اختلافهم في كيفية تنجس الماء، ولا يعرف في ذلك خلاف، وهم وإن اختلفوا في الصلاة في الثوب النجس كما سنقرره، فلم يختلفوا في أنه لا يجوز التوضؤ بالماء النجس، والنبيذ وإن كان نجسا عندنا لا يحل شربه ولا التطهر به فإنه طاهر عند أبي حنيفة يجوز التطهر به كما سبق تقريره.

والحجة على ذلك: قوله تعالى: {والرجز فاهجر}[المدثر:5]. والرجز: هو القذر والنجس، وعند مجاهد: هو الصنم. والأول هو المستعمل في اللغة، ومن استعمله في التطهر فلم يهجره، وقوله تعالى: {ويحرم عليهم الخبائث}[الأعراف:157]. ولم يفصل، وهو من جملة الخبائث، ومن توضأ به فلم يحرمه. وقوله : (( لا يبولن أحدكم في الماء الراكد )). ولم ينه عنه إلا من أجل تنجيسه به. وقوله (عليه الصلاة والسلام): (( إذا استيقظ أحدكم من منامه فلا يدخل يده الإناء حتى يغسلها ثلاثا )). وما ذلك إلا من أجل النجاسة.

ومن طريق القياس، وهو قوله تعالى: {حرمت عليكم الميتة}[المائدة:3]. ولم تحرم إلا من أجل نجاستها، فهكذا ما شاركها في النجاسة مقيس عليها في التحريم والمنع من استعماله، وقوله : (( إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعا ))، وما ذاك إلا من أجل نجاسته فيجب(¬1) في كل ما كان نجسا من غير فصل.

Shafi 264