جداتنا في نظر أجدادنا
وما زالت المرأة رقيقا مستضعفا منذ كانت، لا إرادة لها في اختيار رجلها. ثم إنهم قد أبصروها واجمة أمام الرجال كلهم فحسبوها بلا قلب تواق أو طبع غلاب. كما تمادوا بعد ذلك فارتابوا في أن لها نفسا كما للرجال. ولست بحاجة إلى ميزان كميزان المشرحين أضع في كفتيه مخي المرأة والرجل لأعلم أيهما أرجح عقلا وأرزن فكرا. فإن هيمنة الرجل عليها وإخلادها إليه، في جميع الأجيال والعصور والبلدان على حال سواء، دليل على أنها أضعف منه عقلا وجسما. ولقد جعلتها الشرائع القديمة متاعا لعائلها وأبت أن تهبها إرادة مستقلة عن إرادة وليها في أمر من أمور حياتها، وحرمها بعض تلك الشرائع حق الميراث في مورثيها إلا إذا لم يكن لهم نسل من الذكور، كما ضن عليها أن تكون لها ثروة خاصة بها.
قال ماني حكيم الهند: «ينبغي أن يوضع النساء في الليل والنهار تحت كنف أوليائهن، طائعات كل الطاعة لهم، معولات كل التعويل عليهم.» الهنود يقولون ما معناه: «لا بد للمرأة من سيد في كل أدوار حياتها؛ فسيد البنت أبوها، والزوجة قرينها، والأم ولدها.» وكذلك كانت حالها في الصين. وكان الرومانيون في الغرب يجيزون للرجل التصرف في حياة امرأته كما يتصرف في دوابه وعقاره. ولا تتزوج الفتاة عندهم إلا إذا شاء أبوها. ولن يسقط حق الأب في مباشرة قران ابنته ولو كان مجنونا.
والآن نرانا نحترم المرأة. فهل تهذبت الطباع وتغيرت السجايا؟
الخير المجرد
ما عهدنا في النفوس البشرية هذا الكرم. أقول ما عهدنا الناس يصدعون بالحق لأنه حق أو يدينون بالإنصاف لصوابه؛ فالحرية الشخصية في بعض البلاد حق لا يمتري فيه اثنان. سلم به الملوك، لا اقتناعا بمقدمات الفلاسفة وبراهينهم، بل رهبة من سيوف الثوار ونيرانهم. وهذا الحق الذي لا يجرؤ على مسه حاكم ولا ملك في البلاد الحرة، يداس جهارا في غيرها من البلاد التي لم تبرهن على صدقه بالحديد والنار. وضمانة حقوق العمال حق رضيه أصحاب الأموال، ولولا أن العمال تضافروا على المطالبة به وألبوا لتأييده لما رضوه أبدا.
فإذا الذي يعد قسوة لا تطاق من أصحاب الأموال، في أمة قويت بينها شوكة العمال واجتمعت كلمتهم، قد لا يراه الناس إلا أمرا مألوفا في بلد لم تعلم قوة الاتحاد أغنياءه حق إنصاف العامل المسكين وواجب رحمة القادر بالعاجزين.
واحترام النساء أصبح فرضا على كل وجيه ووضيع، ولو أنه لا وسيلة للمرأة إلا أن تلبث حتى ينيلها رقي الناس ومروءتهم هذا الاحترام، لكان عليها أن تنتظر بعد أجيالا وآمادا طوالا.
وما حدا بهؤلاء الطالبين إلى تحقيق هذه المبادئ أنهم وجدوها حقا، ووجدوا ما عداها باطلا. ولكنها الحاجة حركتهم، والضرورة أرغمت ظالميهم على الإقرار بحقوقهم. وكذلك لا ترى عملا لغير الحاجة والضرورة في مطالب الناس.
نقائض المرأة
Shafi da ba'a sani ba