فأسرع نادر أغا حتى بلغها رغبة السلطان في مقابلتها فتأهبت لاستقباله، لكنها ابتدرت نادر أغا بالسؤال قائلة: «ما هو لون ثوبه اليوم لألبس مثله؟» وكانت العادة الجارية في آداب بلاط عبد الحميد أن يلبس نساؤه عند مقابلته ثوبا لونه مثل لون ثوبه.
فقال نادر أغا: «إنه بثوبه الأسود الرسمي فلا حاجة إلى لون معين.» ولم تكن هي والدة السلطان حقيقة لكنها تقوم مقامها في إدارة دور الحريم، وكانت قبلا «خزندار أوصته» أي خازنة دور النساء، فلما ماتت والدة السلطان تولت تلك الإدارة، وإليها يرجع تدبير أمور نسائه وسراريه. وكانت كبيرة السن، ولكن الجمال ما زال يتجلى في وجهها، وفيها ذكاء ونباهة. فلما علمت بقدوم السلطان خفت لاستقباله ورحبت به، وعليها ثوب يجللها، وفي يديها الأساور وعلى صدرها الحلي الثمينة. ولحظت في وجه السلطان القلق، ولكنها تعرف منزلتها عنده فابتسمت له وقالت: «هل من أمر أقضيه لجلالة البادشاه؟»
فجلس على المقعد وأشار إليها أن تقعد وقال: «جئتك في أمر يهمني.»
فقالت: «روحي فداء مولاي.»
قال: «كيف حال القادين ج؟»
فتغير وجه المرأة عند سماع ذلك الاسم، وقالت والبغتة ظاهرة في عينيها: «إنها في خير.»
قال: «لا أسألك عن صحتها، ولكن هل قامت حاضنتها بما عليها؟»
فأدركت غرضه وتلعثم لسانها عن الجواب، لكنها غالبت نفسها وقالت: «إنها لا تغفل عن رعايتها.»
قال: «بل أسألك عن شيء آخر، هل خبرت أمرها من عهد قريب؟»
فلم يعد في إمكانها الصبر على التجاهل فقالت: «أخبرتني الحاضنة أنها ربما تكون حاملا.»
Shafi da ba'a sani ba