اختفاء شيرين
لما دخلت توحيدة على ابنتها ابتسمت كل منهما للأخرى تخفيفا عنها والدمع يتقطر من أعينهما، وغلب حنو الوالدة فوضعت المصباح من يدها على نضد هناك وأكبت على ابنتها تضمها إلى صدرها وتقبلها وهي تقول لها: «أين كان هذا البلاء مخبأ لنا؟ قبحك الله يا صائب! قد كنا في نعيم وراحة فأتيت تكدر عيشنا.» ثم رفعت رأسها عن عنق شيرين وقالت: «سامحك الله يا طهماز!» وأمسكت بيد شيرين وأجلستها على المقعد وهي تقول لها: «لا تحزني يا عزيزتي ولا تيأسي، إن الله لا يتركنا.»
فظلت شيرين ساكنة وقد أطرقت وعيناها مغرورقتان بالدمع، فأخرجت توحيدة المنديل من جيبها ومسحت عيني ابنتها وهي تقول: «لا بأس عليك يا حبيبتي! تكلمي فقد خرج أبوك وأتيت أنا لأخفف عنك، ما من علة إلا لها دواء.»
فتنهدت شيرين تنهدا عميقا ولم تجب.
فقالت توحيدة: «إن الأمر صعب، ولكن نجاتك في يدك»، وسكتت وهي تراعي ما يبدو من شيرين فإذا هي لم ترد، على أنها نظرت إلى والدتها بطرف عينها، فقالت توحيدة: «ألا ترين الحق معي يا حبيبتي؟ أليس خلاصك في يدك؟»
فتنهدت شيرين ثانية وقالت: «إذا كنت تعنين خلاصي من الموت فنعم.» فقالت: «إذن فافعلي، ارجعي عن عزمك وقولي كلمة فتنقذي حياتك وحياة رامز أيضا.»
فقالت: «ولكن إذا رضيت أنا بإنقاذه على هذه الصورة - لا سمح الله - فإنه لا يرضى.»
فاستبشرت بقرب رضاها فقالت: «أما رامز فأنا أضمن أنه يرضى. ولست أعني أن تقبلي ما عرضه صائب على طول الخط، بل أعني أن نسايره ونعده ريثما نرى ما يكون من أمره ... فإذا أنقذ رامزا فليفعل رامز به ما يشاء، ونكون نحن قد نجونا من الخطر الذي يهددنا به.»
فقالت وهي تهز رأسها هزة الإنكار: «كلا، وإن رضي رامز بذلك فأنا لا أرضى.»
قالت: «بالله عليك أشفقي على والدتك إذا كنت لا تشفقين على شبابك، إن هؤلاء القوم لا يخافون الله، فدعينا نخادعهم مرة واحدة التماسا لحياتك وحياة حبيبنا رامز وحياتي.»
Shafi da ba'a sani ba