فقال أنور بك: «ينبغي أن يذهب هذا الرجل من الوجود.»
فقال الرئيس: «إن هذا العمل يستلزم أن يكون في الجمعية فدائيون يبذلون أرواحهم في هذا السبيل كما في الجمعيات السياسية بأوروبا، ونحن لم نتعود ذلك بعد فينبغي أن ندبر تدبيرا جديدا.»
فوقف رامز وقال: «إن ناظم هذا أساءني، وأنا أولى الناس بقتله.»
فتصدى الملازم ك وضحك وهو يقول: «لا تتعد يا رامز على ما ليس من شأنك، إنما أنت أهل لكتابة المقالات ونظم الأشعار، فإذا احتجنا إلى ذلك يوما فلا غنى لنا عنك. أما إعدام هذا الرجل فعلي أنا، أقول ذلك وأطلبه بإلحاح، أنا أعدم ناظم بك من الوجود غدا.»
فأعجب الجميع بشجاعته وثبات جأشه، وقال له الرئيس: «تتعهد بقتل ناظم؟ أنت إذن أول فدائي في سبيل الدستور، فإذا بقيت حيا فلك الفضل يتناقله الناس، وليس في الأحياء من العثمانيين من عمل عملك، وإذا مت فليس في الأموات منهم من سبقك إلى ذلك.»
ونهض الرئيس ودعاه إليه فقبله في رأسه ودعا له بالنجاة من ذلك الخطر، فقال الشاب: «لم أقدم على هذا العمل وأنا خائف من الموت، لا بد من الخطر في سبيل الحرية، فإذا مت فاذكروني عند أهلي.»
ثم اجتمعوا جميعا في وسط القاعة حول القرآن والإنجيل والمسدس، وأقسموا على الثبات والكتمان حتى يقضي الله بما يشاء. وودع بعضهم بعضا وقد قرب الفجر، وأخذوا في الخروج من باب سري غير الذي دخلوا منه يؤدي إلى زقاق ضيق لا يفطن له أحد.
وبينما هم في ذلك إذ استوقفهم أحد حراس المحفل فرجعوا فقال: «شاهدت رجلا متنكرا أكثر من المرور ذهابا وإيابا في الشارع المؤدي إلى المحفل في هذه الليلة، ويظهر من مشيته وحركاته أنه ناظم بك القومندان أو رجل يشبهه.»
فلما سمعوا قوله أجفل رامز والتفت أبوه إليه وقال له: «ألم أقل لك إنه سيراقب خطواتك؟»
فمد الضابط الملازم يده إليهم وقال: «لا تتعبوا أنفسكم بالحذر من هذا الملعون، فإنه لن يملك فرصة يستفيد بها من معرفة مكاننا.»
Shafi da ba'a sani ba