في الجملة، كما كان قيام الليل واجبا قبل الإسراء بلا خلاف، وفي رواية عن الزهري: كان بعد المبعث.
ومما يقوي قول الحربي أنه عين الليلة من الشهر من السنة، فإذا تعارض خبران أحدهما فصّل القصة والآخر أجملها، ترجحت رواية من فصّل بأنه أوعى لها.
وقال ابن إسحاق: أسري برسول اللَّه ﷺ وقد فشا الإسلام بمكة والقبائل، ويقال كان ليلة السبت لسبع عشر خلت من رمضان، قبل الهجرة بثمانية عشر شهرا، وهو ﷺ نائم في بيته ظهرا. وقيل: كان ليلة سبع عشرة من ربيع الأول قبل الهجرة من شعب أبي طالب، وكانت سنّه ﷺ حين الإسراء اثنتين وخمسين سنة [(١)] .
وقيل- وقد حكي عن حذيفة وعائشة ومعاوية ﵃: إن الإسراء كان بروحه ﷺ، وقيل: كان بجسده إلى بيت المقدس، ومن هناك إلى السموات بروحه. وقيل: أسري به وهو نائم في الحجر، وقيل: كان في بيت أم هانئ بنت أبي طالب، وفرضت الصلوات الخمس ركعتين ركعتين، وإنما كانت قبل الإسراء صلاة بالعشي، ثم صارت صلاة بالغداة وصلاة بالعشي ركعتين ركعتين.
فلم يرع برسول اللَّه ﷺ إلا جبريل نزل حين زاغت الشمس من صبيحة ليلة الإسراء فصلى به الظهر، ولهذا سميت الأولى، ثم صلى بقية الخمس في أوقاتها فصارت بعد الإسراء خمسا ركعتين ركعتين حتى أتمت أربعا بعد الهجرة إلى المدينة بشهر. وقد اختلف أهل العلم: هل رأى محمد ﷺ ربه ليلة الإسراء أم لا؟ فلما أصبح ﷺ في قومه بمكة أخبرهم بما أراه اللَّه ﷿ من آياته، فاشتد تكذيبهم له وأذاهم إياه واستضراؤهم عليه، وارتدّ جماعة ممن كان أسلم وسألوه أمارة، فأخبرهم بقدوم عير يوم الأربعاء، فلما كان ذلك اليوم لم يقدموا حتى كادت الشمس أن تغرب، فدعا اللَّه فحبس الشمس حتى قدموا كما وصف، قال ابن إسحاق: ولم تحبس الشمس إلا له ذلك اليوم وليوشع بن نون.