فصدقناها فيما احتجت به من الأمر الذي يجب به من الله سبحانه الإمامة لأهلها، ويتأكد لهم به من الله عز وجل فرض الطاعة على خلقه. فلما أن أجمعنا نحن وهي على أن من كانت فيه هذه الخصال، وثبت له ما ذكرنا في كل حال، فقد وجبت له بحكم الله الإمامة، وتأكدت له بفرض الله على الخلق الطاعة، أوجبنا على أنفسنا المحنة فامتحناها فيما أجمعنا نحن وهي وغيرنا عليه من الشروط التي تجب بها الإمامة وتثبت بها لأهلها على الخلق الطاعة، فلم نجدها ولله الحمد عن ذلك منصرفة، ولا منه معوزة، بل وجدناها به قائمة، وبالتسمية به مستحقة، فأجبناها إلى ما دعتنا إليه، وأعناها بكليتنا عليه، فصدقناها ولله المن بعد المحنة به. ولك، يا أبا عبدالله، أكرمك الله، علينا من الحجة والسؤال والمحنة مثل الذي كان لنا على أنفسنا، فانظر من ذلك معنا بمثل ما نظرنا نحن به مع أنفسنا، فإن وجدت ما وجدنا وشهد عقلك لك في أمرنا بمثل ما شهدت به عقولنا لأنفسنا، فقد حق لك ما طلبت، وصح لك ما عنه سألت، وجاءتك من نفسك البينات، وأنارت لك من ذلك النيرات. وإن لم تجد الشروط التي نشهد نحن وأنت وكل المسلمين بأنها شروط الأئمة الهادين المفترضة طاعتهم، والمحرمة معصيتهم كنت على بينة من أمرك، ورخصه من فرضك وراحة من تعبك.
واعلم هداك الله أن الامتحان والنظر لا يكون إلا بالنصفة من المتناظرين، وطلب الحق عن ذلك من المتسائلين، وقبول الحق عند ظهوره، وأخذه بأفضل قبوله، ونحن - أكرمك الله - لكل ذلك لك باذلون، وإليه لك مسرعون، وله منك محبون، فهذا الباب الذي وجبت به إمامة كل إمام على جميع من تقدم من أهل الإسلام، وبه تجب إمامة من بقي من أئمة الهدى إلى آخر أيام الدنيا، ولن تجب إمامة إمام أبدا لغير ما ذكرنا، ولن يوجد سبب يثبت لأحد سوى ما شرحنا.
تم والحمدلله كثيرا.
Shafi 665