262

Iliyadha

الإلياذة

Nau'ikan

3

وكانا شقيقين توءمين؛ أحدهما تولى قيادة الخيل بيد ثابتة، بينما باشر الآخر المنخس. هكذا كنت أنا ذات حين، أما الآن فليضطلع من هم أصغر مني بأمثال هذه المهام، بينما يجدر بي أن أستسلم للشيخوخة المفجعة، فقد كنت مبرزا وقتذاك بين المحاربين. وها أنت ذا تقيم لزميلك الطقوس الجنائزية بالمباريات؛ ولذلك أتقبل منك هذه الهدية مسرورا، كما أن قلبي يغتبط لأن تذكرني دائما يا صديقي، ولا تنساني ومجدي بين الآخيين ، أسأل الآلهة أن تكافئك عن هذا بما يرضي قلبك!»

مباريات أخرى!

وبعد أن قال نسطور هذا ارتد ابن بيليوس وسط جمع الآخيين العظيم، بعد أن سمع ثناء ابن نيليوس. ثم خصص جوائز للملاكمة العنيفة. فأتى ببغل قوي وعقله في مكان الاجتماع. وكان بغلا في السادسة من عمره، صحيح الجسم، يصعب التغلب عليه. وجعل للخاسر كأسا ذات يدين، ثم تكلم وسط الأرجوسيين قائلا: «يا ابن أثريوس، وأنتم أيها الآخيون المدرعون جيدا، إنني أدعو اثنين من المحاربين - من خيرة الموجودين - لهاتين الجائزتين فليرفعا أيديهما ويتلاكما. ومن يمنحه أبولو القوة على الصمود في الملاكمة - أمام جميع الآخيين - فليأخذ البغل إلى كوخه. أما الخاسر فستكون جائزته هذه الكأس ذات اليدين.» وما إن أتم قوله حتى نهض رجل مديد القامة شجاع بارع في الملاكمة، هو أيبيوس بن بانونبيوس، وقال: «فليقترب من يريد الكأس ذات اليدين كجائزة. أما البغل فلا أظن بين الآخيين من يمكنه الحصول عليه - بقوة قبضته - سواي. فها أنا ذا أعلن أنني أحسن رجل هنا، ألا يكفي أنني غير مبرز في القتال؟ فليس في مقدور المرء - كما يبدو لي - أن يكون ماهرا في كل شيء. أقول هذا، وسوف أحققه. سأحدث رضوضا بجسم غريمي، وسأحطم عظامه. ولينتظر هنا أقرباؤه كي يحملوه عندما تنكل به يداي!»

قال هذا، وخيم الصمت على الجميع. غير أن يوروالوس، الشبيه بالإله - ابن الملك ميكيستيوس بن تالاوس - كان الوحيد الذي نهض لمواجهته. وكان قد جاء إلى طيبة ذات يوم، لحضور دفن أوديبوس - عندما سقط - وهناك هزم جميع أبناء كادموس. فقام ابن توديوس - المشهور برمحه - وشجع يوروالوس بالكلام، وتمنى له النصر. فشد وسطه بحزام، ثم أعطاه حمالات مصنوعة بإتقان من جلد الثور. وبعد أن شد كل منهما وسطه بحزامه، تقدما إلى مكان النزال، ورفعا أيديهما القوية عاليا. ثم هجم كل منهما على الآخر، يكيل له الضربات الثقيلة. وكان صرير أسنانهما قويا. وسال العرق غزيرا من جوانب أطرافهما. وما لبث أيبيوس العظيم أن هجم وهو يتطلع إلى ثغرة، وضرب منافسه على خده ، فترنح هذا، وخارت أطرافه المجيدة تحته. وكما يحدث عندما تقفز السمكة تحت هبة الريح الشمالية، فوق الرمال المغطاة بالأعشاب فتتدفق الموجة السوداء فوقها من جديد، كذلك قفز يوروالوس عاليا عندما تلقى الضربة، ولكن أيبيوس - الجم الشجاعة - أمسك به في يديه، وقذف به على قدميه، فأسرع أصدقاؤه المقربون، والتفوا حوله، وسحبوه خلال مكان الاجتماع، وأقدامه تتدلى فوق الأرض، وهو يبصق كتلا دموية، ورأسه يتدلى إلى أحد جنبيه. فأحضروه شارد الفكر، وأرقدوه وسطهم، وذهبوا مختارين وجاءوا بالكأس ذات اليدين.

بعد ذلك، أعد ابن بيليوس جوائز أخرى لمباراة ثالثة للدانيين، في المصارعة الخشنة. فجعل للفائز ركيزة بديعة توضع فوق النار، ركيزة قدرها الآخيون باثني عشر ثورا. أما الخاسر، فجعل له امرأة ماهرة في الأعمال اليدوية قوموها بأربعة ثيران ونهض يتكلم وسط الأرجوسيين قائلا: «قفا الآن، يا من ستشتركان في هذه المباراة!»

وما إن قال هذا، حتى نهض أياس التيلاموني العظيم، كما نهض أدويسيوس، الكثير الحيل، ذو البديهة الخداعة. وبعد أن تمنطق كلاهما، تقدما إلى وسط مكان النزال، وأمسك كل منهما زميله بقبضة من حديد، كما يوصل الصانع الماهر أخشاب السقف الهرمي، ليقاوم قوة الرياح. وطقطق ظهراهما من الشد العنيف بأيديهما القوية، وتدفقت سيول العرق في عدة مجار مخضبة بالدماء، من جروح كثيرة، راحت تظهر هنا وهناك بين ضلوعهما وأكتافهما. وهكذا أخذا يتصارعان بعنف من أجل النصر، ليفوزا بالركيزة الرائعة. ولم يتمكن أوديسيوس من الإخلال بتوازن أياس، وإلقائه على الأرض كما لم يستطع أياس ذلك؛ لأن قوة أوديسيوس الفذة كانت راسخة. وفي النهاية، كاد الملل يتملك من الآخيين المدرعين جيدا، فتحدث أياس التيلاموني العظيم إلى أوديسيوس، قائلا: «يا نسل زوس، يا ابن لايرتيس، يا أوديسيوس الكثير الحيل، ارفعني من الأرض، أو دعني أرفعك، والنتيجة بعد ذلك في يد زوس.»

قال هذا، ورفعه، ولكن أوديسيوس لم ينس خداعه. فضربه في تجويف ركبته من الخلف ضربة قاضية، وأرخى أطرافه، حتى إنه ارتمى إلى الوراء، وسقط أوديسيوس فوق صدره. وحملق فيهما وتملكهم العجب. ثم حاول أوديسيوس العظيم الاحتمال، بدوره، أن يرفعه، وحركه قليلا من الأرض، ولكنه لم يتمكن من رفعه، بل أدخل ركبته في ركبة أياس، فسقط الاثنان فوق الأرض، واحدا بجانب الآخر ، وتغبرا في التراب، وكادا ينهضان للمرة الثالثة ويتصارعان، لولا أن قام أخيل وأمسك بهما، قائلا: «لا تتصارعا بعد الآن، ولا تنهكا نفسيكما بالألم. فالنصر لكليكما، ولتأخذا إذن جائزتين متساويتين، واذهبا إلى حال سبيلكما، كي يتصارع غيركما من الآخيين!» وإذ قال هذا، أطاعاه راضيين، فأزالا عن جسديهما التراب، وارتديا عباءتيهما.

وقدم ابن بيليوس - في الحال - جوائز أخرى لسرعة القدمين؛ طاسا من الفضة، فاخر الصنع، يسع ستة مكاييل، يفوق في جماله سائر الطاسات على ظهر الأرض؛ إذ صنعه السيدونيون - البارعون في الأعمال اليدوية الدقيقة - وأحضره الفينيقيون عبر البحر المظلم، وأنزلوه في الميناء، وقدموه هدية لثواس، ثم أهداه يونيوس بن جاسون،

4

Shafi da ba'a sani ba