ثم اعلم: أن العلماء شكر الله سعيهم ما اصطلحوا على تلك الرسوم التي سموها أدب البحث والمناظرة، ونسبوا من مال عنها إلى العناد والمكابرة صونا عن الخبط، وعونا على الضبط، وهذا المعترض الذي هو صاحب النبراس لا يكاد يفوق في هذا المجال بين الرجل والرأس، ولا يكابره ذلك براعي تلك القوانين والمناصبن وإنما ينقلب بحسب أغراضه وأمراضه، ما بين رافع وناصب، فلهذا جربنا ناره على مثاله في عدم المراعاة لتلك القوانين، ونسجنا طورا على منواله في البحث طمعا في كمال التبيين.
فإن المجيب في يد الباحث كالرهين فقد يخرج الحق أيضا من مقام إلى مقام، روما لحسم رأيه العضال، ومعضلة الزحام.
والله سبحانه ولي الإعانة في الابتداء والتمام، وبيده التيسير للإبانة في المصطلح وحسن الختام.
قال المعترض: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمدلله الذي أبان بطوالع أنوار المثاني أساس قواعد العقائد، وأعان لتجريد الحق واستخلاصه من بين مواقف الآراء المختلفة، ومراصد الأهواء المضللة، وتحقيق المقاصد، وهو الله خالق كل شيء عامل وعمل، علوي وسفلي، هابط وصاعد، فإن بيده ملكوت شيء فيخلق ما يشاء ويختار، فلا يشاركه من خلقه في الإيجاد واحد، سبحانه هو القاهر فوق عباده، فكل في قبضة قدرته، [4] من موافق ومعاند، فأنى لمقهور أحداث ما يشاء على الاستقلال، دون الفعال لما يريده من كل معترف وجاحد.
Shafi 11