فإن قالوا: لأن ذلك من أحكام التوراة.
قلنا: أليس في التوراة أن ذلك يراد به الطهارة؟ فإذا كانت الطهارة قد فاتتكم، فإن النجاسة التي أنتم فيها على معتقدكم لا ترتفع بالغسل كنجاسة الحيض، فهي لذلك أشد من نجاسة الحيض، ثم إنكم ترون أن الحائض طاهرة إذا كانت من غير ملتكم، ولا تستنجسون لامسها ولا الثوب الذي تلمسه. وتخصيص الأمر -أعني نجاسة الحائض بطائفتكم- مما ليس في التوراة، فهذا كله منكم نسخ أو تبديل.
فإن قالوا: إن هذا وإن كان النص غير ناطق به فقد جاء في الفقه.
قلنا لهم: فما تقولون في فقهائكم؛ هل الذي اختلفوا فيه من مسائل الخلاف والمذهب -على كثرتها لديكم- كان ثمرة اجتهاد واستدلال منقولا بعينه؟ فهم يقولون: إن جميع ما في كتب فقهنا نقله الفقهاء عن الأحبار عن الثقات من السلف عن يوشع بن نون عن موسى الكليم ﵉ عن الله تعالى. فيلزمكم في هذا أن المسألة الواحدة التي اختلف فيها اثنان من فقهائكم أن يكون كل واحد منهما ينقل مذهبه فيها نقلا مستندا إلى الله ﷿. وفي ذلك من الشناعة اللازمة أن يجعلوا الله قد أمر في تلك المسألة بشيء وخلافه. وهو النسخ الذي يدفعونه بعينه.
فإن قالوا: إن الخلاف غير مستعمل؛ لأن الأولين كانوا بعد
1 / 37