85

Bayanin Tauhidi

إيضاح التوحيد بنور التوحيد لسعيد الغيثي

Nau'ikan

ثم عقد المسلمون الإمامة بعده للولي الصالح أبي حاتم يعقوب بن لبيب الملزوزي، وذلك في رجب عام 154، (أربعة وخمسين ومائة)، فتولى أعمال طرابلس وقابس وقيروان وما يليها، وكانت له حروب ومقاتلات كثيرة يطول شرحها أنهاها المؤرخون إلى ما فوق ثلاثمائة وخمسين مقاتلة، منها وقعة "مغمداس" (¬1) ، في شرق طرابلس على مسافة ثمانية أيام منها، لاقى فيه أبو حاتم عسكر المسودة، فهزمهم وقتل منهم ستة عشر ألفا، وهذه الوقعة يعدونها ثأرا لوقعة أبي الخطاب التي مات فيها.

ولذلك ذكروا أن رجلا من الجند ناقش رجلا من أصحابنا، وقال له مفتخرا عليه: «ما تفسير تورغا؟» يشير إلى قتلهم الإمام أبا الخطاب ومن معه، فأجابه صاحبنا بأن تفسيرها: «مغمداس، فيها أربعة أكداس، في كل كدس أربعة آلاف [راس]» يشير إلى الوقعة المذكورة، فسكت الجندي وبهت، وكان صاحبنا حاذقا بديها إذ بادر بهذا الجواب القاطع المسكت للخصم.

ومكث أبو حاتم في الخلافة ما شاء الله، ثم قتل شهيدا رحمة الله عليه، ودفن هو ومن معه من الشهداء في موضع يقال له: جنب (¬2) ، قرب جبل "ككلة"، وقبره هناك مشهور يزار إلى يومنا هذا. وشهد له العرب المجاورون له النور على قبره مرارا، وما ارتفع إلا بعد أن دفن في حريمه أعرابي مات بالقرب منه.

¬__________

(¬1) - ... وانظر - الدرجيني: طبقات المشايخ بالمغرب، ج1/ص38؛ الشماخي: سير المشايخ، ص39.

(¬2) - ... لعل الصواب: «جنبي». انظر: أبو زكرياء، السيرة وأخبار الأئمة (تحقيق عبد الرحمن أيوب). الدرجيني: طبقات المشايخ بالمغرب، ج1/ص39.

Shafi 86