هذا الكتاب المسمى: إيضاح التوحيد بنور التوحيد، ألفه الفقيه العالم قاضي المسلمين: سعيد بن ناصر الغيثي أبقاه الله، وهو شرح للمختصر الموسوم بنور التوحيد لمصنفه الشيخ العلامة علي بن محمد بن علي المنذري رحمه الله تعالى، وجزاهم الله عن الإسلام خيرا . ومسكن هؤلاء المذكورين عاصمة زنجبار المحروسة المحمية حرسها الله تعالى آمين.
b
الحمد لله حمدا لا انقطاع له ولا حصر، والشكر له يعجز عن وصفه أهل الحضر والوبر؛ وصلاته وسلامه على أشرف مخلوقاته وأبر، وعلى كافة الآل والأصحاب السادة الغرر.
أما بعد، فهذا شرح لا يخلو من فائدة، وإن كان لا ممن هو أهل لذلك، إذ قد تكون رمية من غير رام، ورجائي في ذلك الأجر من الله الوهاب، وهو أني لما رأيت الإفادة الجليلة في الرسالة المسماة ب«نور التوحيد»، لشيخنا العلامة علي بن محمد بن علي المنذري، المتوفى نهارا في يوم الخميس من جمادى الآخر عام 1343ه (¬1) ، رحمه الله تعالى وغفر له، الموارى في اليوم المذكور نهارا في الموضع المعروف باسم «ملندى»، في زاوية المسجد الذي بناه الصالح الوحيد السيد حمود بن أحمد البوسعيدي، بموضع غير نازح بقبر والده الشيخ محمد بن علي بن محمد بن علي رحمه الله.
¬__________
(¬1) - ... الموافق ل: 1924م.
Shafi 1
ولم أر من تعرض لها بشرح يوضح معانيها كما ينبغي، وقد طالما سولت لي نفسي لهذا الشأن، فيقعدني عنه عدم اتصافي بما هنالك، ومع هذا كله تعترض علي جملة الموانع، وأنوه عليها كما سأذكره نقلا من عبارة ذكرها الشيخ المنياوي (¬1) ، فإن حاله كحالي على ظاهر عبارته، وسأدخل في عبارته شيئا هو عن عبارته خارج، بل إنما هو مني بنفسي ومن غيري، قال: «والمأمول ممن تحلى بحلي الإنصاف، وتخلى عن رذيلة البغي والاعتساف، أنه إن وجد للسداد وجها فليسلكه، ولا يصرف عنه وجها؛ وإن عثر على شيء زلت فيه القدم، أو طغى به القلم، فليستحضر أنه لم يسلم من الخطإ إلا رسول الله الآمر بالحلم والتقوى، وأن دعوى غيره السلامة منه هي غايته القصوى».
ومن ذا الذي ترضى سجاياه ... كلها ... كفى المرء نبلا أن تعد ... معايبه (¬2)
ولينبه عليه بعبارة خالية من التشنيع، متجافية من اللوم والتقريع؛ وليعلم أنه ليس خاليا من العيوب والزلات، وأن المرء كله عيوب وعورات.
متى يلتمس للناس عيبا يجد ... لهم ... عيوبا، ولكن الذي فيه ... أكثر
غيره:
ما سلم الظبي من ... حسنه ... كلا، ولا البدر الذي يوصف
فالظبي فيه خنس ... بين ... والبدر فيه كلف ... يعرف
وإنني فيما يصدر مني ذو عذر مقبول عند ذوي البصائر، وهو أني ضعيف عديم الخلات والعشائر، فلا يفارقني تجرع كؤوس الشدائد، ولا تعطيل الهموم والأحزان عن تحصيل المقاصد، وذلك من الأقارب والأباعد، كما قد حصل لي ذلك في قريب الوقت.
¬__________
(¬1) - ... هو محمد علي (ت: 1335ه/1917م): أديب مصري، له كتاب: تحفة الرائي للامية الطغرائي. في شرح لامية العجم. ... وانظر الزركلي: الأعلام، ج7/ص195
(¬2) - البيت لبشار بن البرد، ويقول في البيت الذي يليه:
... ... ... وما سمي الإنسان إلا لنسيه ... ولا القلب إلا أنه يتقلب
... ... ... ... ... وانظر: دندشي: معجم الأبيات الشهيرة، ص32.
Shafi 2
جور الزمان مديم قبض ... ناصيتي ... والقلب للحزن ... بيت لا يفارقه
إن رمت ... جلب سرور فيه قال:لقد ... حاز المكان، ... ونال الملك سابقه
اتخذني الدهر غرضا يرميه بسهام الهموم والأحزان، وليتني مع هذا كنت سالما من إيذاء شيخ الضلال الناهض علي بخيله ورجله، ولم يأل عدو الله جهدا في إصدار الكذب الخالص علي، بمستطاع ما عنده من خرافات اللسان، وإني أتضرع إلى من بيده الغلبة والقوة والسلطان، وأشكو إليه من ظلم هذا الظالم، وما ربك بغافل عما (¬1) هو فيه من البهتان، وسيري عدله في اليوم الذي تشهد عليه يداه ورجلاه (¬2) ، بل وكل من يسمعه ويراه، ومن كان هذا حاله فهو في جميع أوقاته بسواد السواد.
وليتني كنت مع ... هول الزمان، وما ... فيه أقاسي قوي الجسم والبصر
أو كان لي في زماني بعض ... ميسرة ... بها يخف شديد الحزن والضرر
ومن يكن حاله ما قد ذكرت ... فقد ... أتى بما جزؤه يكفي ذوي ... النظر
وإني أسأل الله ذا الفضل والإنعام أن لا يرفع نظره عني وعن أخي، وأن يقيل عثراتي، ويتجاوز عن خطيئاتي، وينعم علي بحصول المآرب، وعليه وعلى سائر إخواني الصالحين، إنه مفيض الخيرات، واسع العطيات.
قال المصنف رحمه الله: «{بسم الله الرحمن الرحيم}».
¬__________
(¬1) - ... إشارة إلى الآية الكريمة: {ولكل درجات مما عملوا وما ربك بغافل عما يعمل الظالمون} (سورة الأنعام: 132).
(¬2) - ... إشارة إلى قوله تعالى: {يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون}(سورة النور: 24).
Shafi 3
أقول: أبتدئ بالبسملة تبركا بها، واقتداء بكتاب الله العزيز، بالرسم لا بالنزول، إذ ورد أن أول ما نزل من القرآن العظيم: {اقرأ باسم ربك} (¬1) . اعلم أنه قد جرت عادة المؤلفين في تصانيفهم أن يتكلموا قبل الشروع في المقصود على البسملة بكلام مناسب لغرضهم (¬2) ، وها أنا بعون الله أتكلم بمقتضى المقصود، فأقول:
¬__________
(¬1) - ... سورة العلق: 1.
(¬2) - ... وانظر مثلا: الرازي: التفسير الكبير، ج1/ص5-6. والقطب اطفيش: تيسير التفسير، ج1/ص9-10.
Shafi 4
إن الباء الداخلة في {بسم الله} عملها الجر، فهي مجرورة بها، ومتعلقة بمحذوف مقدم عند النحويين، ومؤخر عند البيانيين، لفائدة القصر والاهتمام، وهي للاستعانة، ومعنى الاستعانة هنا كون ما بعد الباء معينا للفاعل في إنشاء الفعل وآلة له فيه كالقلم للكاتب؛ وقيل: إنها هنا للمصاحبة على سبيل التبرك، فيكون تمام المقصود مصاحبا للابتداء بالبسملة، ورجح هذا الوجه بقوله - صلى الله عليه وسلم - : «بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء» (¬1) .
قال سيدي السالمي (¬2)
¬__________
(¬1) - ... رواه الترمذي، في الدعوات 3310، قال: «حدثنا محمد بن بشار حدثنا أبو داود حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه عن أبان بن عثمان قال سمعت عثمان بن عفان رضي الله عنه يقول قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «ما من عبد يقول في صباح كل يوم ومساء كل ليلة بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم ثلاث مرات لم يضره شيء وكان أبان قد أصابه طرف فالج فجعل الرجل ينظر إليه فقال له أبان ما تنظر أما إن الحديث كما حدثتك ولكني لم أقله يومئذ ليمضي الله علي قدره » قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح غريب. ... ورواه بألفاظ مختلفة: أبو داود، في الأدب 4425، وابن ماجه، في الدعاء 3859، وأحمد، في مسند العشرة 418..
(¬2) - ... هو الشيخ عبد الله بن حميد السالمي، المشهور ب: نور الدين (1286-1332ه/1969-1914م): عالم فقيه محدث، هو قطب علماء المشرق في زمانه، له عدة مؤلفات منها: مشارق أنوار العقول، ومعارج الآمال...
... د.محمد ناصر: الإباضية تاريخا وفكرا، فصل: الإمام عبد الله بن حميد السالمي.
Shafi 5
- رضي الله عنه - : «وإنما صدرت الباء في كتاب الله تعالى إشارة إلى أن جميع الأشياء كائنة به تعالى، فكأنه قيل: بي كان ما كان، وبي يكون ما يكون؛ فانحصر تحت هذه الإشارة جميع صفات الله تعالى الكمالية من واجب وجائز ومستحيل، فتضمن جميع العقائد».
قيل: وإنما أنقطت نقطة واحدة من أسفل إشارة بالواحد إلى وحدانيته تعالى، وبكونها هنالك إشارة إلى التواضع له، وانكسار النفس بالتذلل في طلب معرفته تعالى؛ فكأنه قيل: من شاء معرفتي بي فليكن في تذلله لي بمنزلة النقطة من الباء.
Shafi 6
والاسم مشتق من السمو أي العلو، لأنه يسمو بمسماه؛ هذا مذهب البصريين، وذهب الكوفيون إلى أنه مشتق من وسم بمعنى علم. قال القرطبي (¬1) : «إن من قال: الاسم من السمو يقول: لم يزل الله تعالى موصوفا قبل وجود الخلق، وبعد وجودهم وعند فنائهم، وبعد البعث لا تأثير لهم في أسمائه وصفاته؛ ومن قال: من السمة يقول: كان الله تعالى في الأزل بلا اسم ولا صفة». قال القطب (¬2) : «والأول قول أهل السنة، والثاني للمعتزلة»، قال: «وإن قلت: فما المذهب؟ قلت: إن المذهب أن أسماءه هو، وصفاته هو، بمعنى أنها ليست شيئا زائدا على الذات حالا فيها، وإنما الحادث النطق بألفاظ دالة على ذلك بعد خلق الخلق».
¬__________
(¬1) - ... وللتوسع في تفسير البسملة ينظر- القرطبي: الجامع لأحكام القرآن، من ص91 إلى ص107.
(¬2) - ... أينما ذكر لفظ: «القطب» فهو: الشيخ امحمد بن يوسف اطفيش (1237-1332ه/1818-1914م): المشهور عند إباضية المشرق والمغرب على السواء بالقطب. عالم بلغ درجة الاجتهاد في عصره، وترك ما يزيد على المائة مصنف، أشهرها : تيسير التفسير، وهميان الزاد، وشرح النيل،. ... وانظر ترجمته في: وينتن: آراء الشيخ اطفيش العقدية، كله؛ وجهلان عدون: الفكر السياسي عند الإباضية من خلال آراء الشيخ اطفيش، كله؛ ويحي بوتردين: منهج التفسير عند الشيخ اطفيش. وجمعية التراث: معجم أعلام الإباضية، الملحق الأول.
Shafi 7
قال سيدي نور الدين: «ولئن تأملت ما ذهب إليه الفريقان من السنية والمعتزلة في هذا الموضع عرفت أن قصارى أمرهم ومطمح نظرهم إنما هو تعلق بالقشر عن اللب، وبالدال عن المدلول، ونحن نقول: إن أريد بالاسم اللفظ والتسمية فهو حادث لأنه "كان الله ولا شيء معه"، وإن أريد به مدلوله فهو عين المسمى لا غيره، لكنا لا نطلقه هكذا حقيقة إلا على المسمى، وإطلاقه عندنا على اللفظ والتسمية مجاز إلا في الألقاب كزين العابدين، وكهف الظلم، فإنه فيها حقيقة في اللفظ مجاز في المسمى؛ ولا يسمى الباري باسم لقب حتى يرد علينا ذلك».
وإضافة اسم إلى الله للبيان أو للحقيقة أو للاستغراق، كما في الهيميان، وصرح في حاشية الشذور أن الإضافة تأتي لما تأتي عليه «ال» من المعاني.
و«الرحمن الرحيم»: هما صفتا ذات إن أريد بهما مزيد الرحمة، وصفتا فعل إن أريد بهما المحسن إلى خلقه، فهما من ذوات الوجهين من الصفات باعتبارين وعلى كلا الوجهين، فمحال أن يراد بهما في حقه تعالى حقيقتهما اللغوية التي هي بمعنى الرقة والعطف. والخوض في إيضاح مجازهما لغة، وهل هو مجاز مرسل أو استعارة؟، وهل هو استعارة تمثيلية أو تصريحية، مفردة أو مكنية أو تخييلية؟ لا حاجة إليه، وقد صرح البدر التلاتي (¬1) بأن فيه إساءة أدب في حقه تعالى».
¬__________
(¬1) - ... هو الشيخ عمرو بن رمضان الجربي، أبو حفص (ت: 1187ه/1773م): فقيه عالم، وإمام من أيمة المذهب الإباضي في المغرب، له عدة تآليف منها: اللآلي الميمونات في عقود الديانات، العقد النضيد على نكتة التوحيد... وانظر- ابن تعاريت: رسالة في تراجم علماء جربة (مخ) ص111-113؛ جمعية التراث: معجم أعلام الإباضية (النسخة التجريبية)، ج4/ص556/ترجمة رقم 765.
Shafi 8
قلت: وبما صرح به البدر صرح به الصاوي (¬1) في حاشيته لرسالة الدردير (¬2) ، إذ قال ما نصه: «وذكر حفيد السعد أن في الكلام استعارة تمثيلية، بأن يقال: شبه حال المولى مع خلقه في الإنعام بجلائل النعم ودقائقها بحال مع رعيته، واستعيرت الهيئة الدالة على المشبه به للمشبه، وأورد عليه أن الاستعارة التمثيلية لا تكون إلا في المركبات، وإطلاق الحال على الله لم يرد به إذن، وأن الرحمن لم يستعمل في غيره تعالى، وأما قول الشاعر:
......................... ... ...... ... وأنت غيث الورى لا زلت ... رحمانا
في حق مسيلمة الكذاب إما شاذ، أو لأنه منكر، والخاص بالله المعرف، أو من تعنتهم في كفرهم، وبأن المشبه به أقوى، وهو إساءة أدب، وأجيب بأنه اقتصر على الجزء الأهم من المركبات، إذ هو مركب بحسب الأصل، فإن الأصل: ملك رحمن رحيم.
وإطلاق الحال جائز لضرورة التعليم، والحق ثبوت مجازات لا حقائق لها، وكون المشبه به أقوى اغلبي (¬3) ؛ وبعد هذا كله فالأحسن والأسلم الاقتصار على كونه مرسلا» اه.
¬__________
(¬1) - ... هو أحمد بن محمد الخلوتي الشهير بالصاوي (1175-1241ه/1761-1825م): فقيه مالكي، أصله من المغرب، توفي بالمدينة. وقد اشتهر تفسير: حاشية الصاوي على تفسير الجلالين. ... ... وانظر- الزركلي: الأعلام، ج1/ص233.
(¬2) - ... هو الشيخ أحمد بن محمد بن أحمد العدوي، أبو البركات (و: 1127ه-1201/1715-1786م): عالم وفقيه، له كتاب: أقرب المسالك لمذهب الإمام مالك. ... ... ... ... وانظر- الزركلي: الأعلام، ج1/ص232
(¬3) - ... كذا في الأصل، ولعل الصواب: «أقوى وأغلب».
Shafi 9
قال الدمنهوري (¬1) : ما نصه: «ابتداء بالبسملة اقتداء بكتاب الله العزيز، وعملا بخبر: «كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بسم الله الرحمن الرحيم فهو أبتر» وفي رواية: «كل كلام لا يبدأ فيه بالحمد لله فهو أجذم» (¬2) ولا تعذر في العمل بالحديثين لحمل الابتداء فيهما على الأعم من الحقيقي والإضافي، ولحمله في الأول على الأول، ولحمله في الثاني على الثاني، كما في القرآن المبين...» إلى أن قال: «وفي وصف الأمر لما بعده فائدتان:
¬__________
(¬1) - ... هو أحمد بن عبد المنعم بن يوسف الدمنهوري (1101-1192 ه/1690-1778م): شيخ الجامع الأزهر، وهو من المكثرين في التصنيف في الفقه وغيره. من مؤلفاته: نهاية التعريف بأقسام الحديث الضعيف، الفيض العميم في معنى القرآن العظيم. ... ... ... ... وانظر- الزركلي: الأعلام، ج1/ص158
(¬2) - ... لم نجد الحديث بهذا اللفظ، ولا بغيره مما ذكر في البدء ببسم الله، وإنما الوارد هو البدء بالحمدلة، فقد روى ابن ماجه، في النكاح 1884 قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بن يحيى ومحمد بن خلف العسقلاني قالوا حدثنا عبيد الله بن موسى عن الأوزاعي عن قرة عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بالحمد أقطع».
... وفي مسند الإمام أحمد، في باقي مسند المكثرين 8355 : حدثنا يحيى بن آدم حدثنا ابن مبارك عن الأوزاعي عن قرة بن عبد الرحمن عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «كل كلام أو أمر ذي بال لا يفتح بذكر الله عز وجل فهو أبتر أو قال أقطع».
Shafi 10
الأولى: تعظيم اسم الله حيث لا يبدأ فيه إلا في الأمور التي لها شأن وخطر.
الثانية: التيسير على الناس في محقرات الأمور».
وأورد أن كلا من البسملة والحمدلة من أفراد موضوع قضية الحديث، فيحتاج كل منهما حينئذ إلى سبق مثله ويتسلل. وأجيب بأن كلا منهما كما يحصل البركة لغيره ويمنع نقصه، كذلك يجب أن يحصل مثل ذلك لنفسه كالشاة من الأربعين تزكى نفسها وغيرها.
والباء في البسملة متعلقة بمقدر، وكونه فعلا ومن مادة التأليف هنا ومتأخرا أولى؛ أما الأول فلأصالة الفعل في العمل؛ وأما الثاني فلأنه أمس بالمقام، إذ لا يشعر تقدير خلافه بما جعلت البسملة مبدأ له؛ وأما الثالث فلأن تقديم المعمول هنا أدخل في التعظيم، ودال على الاختصاص، كما في {إياك نعبد}...» إلى أن قال: «والله علم على الذات الواجب الوجود. ووصف الذات بما بعدها بيان للمسمى لا لاعتباره، وإلا لكان المسمى مجموع الذات والصفة، وليس كذلك بل هي وحدها؛ وقيل: مع الصفة».
واعترض على جعل "الله" علما، بأن وضع العلم بإزاء ذاته تعالى فرع تعقله ولا تعقل، فلا وضع، وأجيب بتعقله تعالى بصفاته، والمنفي تعقله بكنه حقيقته، وهو غير لازم في وضع العلم، على أن الواضع مطلقا أو واضع هذا الاسم وهو الله علمه لغيره بوحي أو إلهام. قلت: وإن سلم عدم تعقل ذاته تعالى، فأي وجه يجوز رؤيته تعالى.
و{الرحمن الرحيم}: اسمان بنيا للمبالغة مشتقان من «رحم» أي مصدر ذلك.
Shafi 11
والرحمة (¬1) : رقة في القلب وانعطاف تقتضي التفضل والإحسان، وأسماؤه المماثلة لهذا مأخوذة باعتبار الغايات التي هي أفعال دون المبادئ التي هي انفعالات، لاستحالة الكيفيات النفسانية عليه تعالى؛ فالرحمة هنا مجاز مرسل عن الإحسان، أو إرادته استعمالا لاسم السبب في المسبب.
والأول أبلغ معنى من الثاني لزيادة بنائه، كما في قطع وقطع، ولا نقض ب«حذر» و«حاذر» لعدم التلاقي في الاشتقاق.
وقدم "الله" على تالييه لأنه اسم ذات، وهو مقدم على الصفة، فقدم ما يدل عليها، وهذا التقديم تعقلي، وإلا فذات الله وصفاته ليس فيها تقديم وتأخير بحسب الواقع. وقدم الرحمن على تاليه لأنه صار علما بالغلبة التقديرية من حيث إنه لا يوصف به غيره. وأما قوله:
......................... ... ...... ... وأنت غيث الورى لا زلت ... رحمانا
فخطأ نشأ من التعنت في الكفر. واعترض بأن الصناعة تقتضي الترقي للأبلغ من غيره كما في «عالم نحرير»، وأجيب بأنه جعل الثاني كالتتممة في الأول باعتبار جلالة النعم فيه دون الثاني.
فائدة نذكر فيها فضائل البسملة
قال في خزينة الأسرار: «أخرج الدارقطني عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «كان جبريل إذا جاءني بالوحي أول ما يلقي علي: {بسم الله الرحمن الرحيم}».
¬__________
(¬1) - ... «الرحمة في اللغة رقة القلب وانعطاف يقتضي التفضل والإحسان، وهي من الكيقبات التابعة للمزاج، وقيل: الرحمة من صفات الذات، وهي إرادة إيصال الخير ودفع الشر» الجرجاني: كتاب التعريفات، ص115. الحفيني: المعجم الفلسفي، ص116.
Shafi 12
وأخرج ابن أبي حاتم والحاكم والبيهقي، وأبو ذر الهروي، والخطيب البغدادي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن عثمان بن عفان سأل النبيء - صلى الله عليه وسلم - (¬1) عن: {بسم الله الرحمن الرحيم}، فقال: «هو اسم من أسماء الله تعالى، وما بينه وبين اسم الله الأكبر إلا كما بين سواد العين وبياضها من القرب» (¬2) .
وأخرج ابن أبي الدنيا وابن أبي شيبة عن الشعبي قال: «اسم الله الأعظم: يا الله».
وأخرج البخاري عن جابر (¬3) قال: «اسم الله الأعظم هو الله، ألا ترى أنه في جميع القرآن يبدأ به قبل كل اسم؟» (¬4) .
وقال عليه الصلاة والسلام: «لما نزلت {بسم الله الرحمن الرحيم}، فرح أهل السموات من الملائكة، واهتز العرش لنزولها، ونزل معها ألف ملك، وزادت الملائكة إيمانا، وخرت الجان على وجوههم، وتحركت الأفلاك، وذلت لعظمتها الأملاك».
¬__________
(¬1) - ... كتب بخط رقيق فوق التصلية المذكورة في المتن: «عليه الصلاة والسلام».
(¬2) - ... وردت أحاديث عديدة في فضل اسم الله الأعظم، وفي تحديد مكانه من القرآن العظيم، وانظر مثلا: الترمذي، الدعوات 3400؛ وأبو داود، الصلاة 1278؛ وابن ماجه، في الدعاء 3845، 3846؛ والإمام أحمد، في باقي مسند المكثرين 11760، ومسند القبائل 26329؛ والدارمي، في فضائل القرآن 3255، 3259.
(¬3) - ... هو الصحابي الجليل جابر بن عبد الله.
(¬4) - ... لم نجده في صحيحه، ولعله في إحدى كتبه الأخرى.
Shafi 13
وأخرج أبو نعيم وابن السلمى عن عائشة - رضي الله عنه - عنها أنها قالت: «لما نزلت بسم الله الرحمن الرحيم سبحت الجبال حتى سمع أهل مكة ومن بها، فقالوا: سحر محمد الجبال، فبعث الله دخانا حتى أظل على أهل مكة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «من قرأ {بسم الله الرحمن الرحيم} موقنا سبحت معه الجبال، إلا أنه لا يسمع منها». وفي رواية: «وكان يسبح الجبال والأحجار، ولكن لا يسمع تسبيحها».
وأخرج ابن السني والديلمي عن علي مرفوعا: «إذا وقعت في ورطة فقل: {بسم الله الرحمن الرحيم}، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، فإن الله تعالى يصرف بها ما شاء من أنواع البلايا».
وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «من قال: {بسم الله الرحمن الرحيم}، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، صرف الله عنه سبعين بابا من أنواع البلايا والهم والغم واللمم» (¬1) . كذا في الدر المنثور، إلى أن قال:
وأخرج الديلمي عن ابن عباس - رضي الله عنه - عنهما مرفوعا عن النبيء - عليه السلام - : «إن المعلم إذا قال للصبي {بسم الله الرحمن الرحيم}، فقال: كتب للمعلم والصبي ولأبويه براءة من النار».
¬__________
(¬1) - ... أورد القطب اطفيش في جامع الشمل حديثا رواه ابن السني في عمل اليوم والليلة، عن علي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «إذا وقعت في ورطة فقل: بسم الله الرحمن الرحيم الله الرحمن الرحيم، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، فإن الله تعالى يصرف بها ما شاء من أنواع البلايا». وانظر الحديث في فيض القدير 1/454.
... ... ... جامع الشمل؛ تخريج وتعليق: محمد عبد القادر أحمد عطا. ج1/ص251.
Shafi 14
وأخرج وكيع والثعلبي عن ابن مسعود - رضي الله عنه - عنه قال: «من أراد أن ينجيه الله تعالى من الزبانية التسعة عشر، فليقرأ: {بسم الله الرحمن الرحيم}، ليجعل الله له بكل حرف منها جنة من كل أحد».
وأخرج الديلمي عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «من قرأ {بسم الله الرحمن الرحيم}، كتب له بكل حرف أربعة آلاف حسنة، ومحي عنه أربعة آلاف سيئة، ورفع له أربعة آلاف درجة». كذا في الدر المنثور.
وعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: قال النبيء عليه الصلاة والسلام: «لو كانت الأشجار أقلاما، والبحار مدادا، واجتمعت الجن والإنس والملائكة كتابا، وكتبوا معنى {بسم الله الرحمن الرحيم} ألفي ألف سنة، لما قدروا على كتابة عشر عشيره». كذا في رسالة البسملة.
وروي عن النبيء - عليه السلام - : «إذا قال العبد {بسم الله الرحمن الرحيم}، قال أهل الجنة: لبيك وسعديك، اللهم إن عبدك فلانا قال: {بسم الله الرحمن الرحيم}، اللهم أخرجه من النار وأدخله في جنتك».
وعن النبيء قال: «إن قوما يأتون يوم القيامة وهم يقولون: {بسم الله الرحمن الرحيم}، وتثقل حسناتهم على سيئاتهم، فيقول الأمم الأخرى: ما أرجح حسناتهم! إنما ذلك لأن ابتداء كلامهم {بسم الله الرحمن الرحيم}؛ هي أسماء الله العظام، لو وضعت في كفة الميزان ووضعت السماوات والأرض وما فيهن وما بينهن في كفة الميزان لرجحت عليها {بسم الله الرحمن الرحيم}».
وقد جعل الله تعالى لهذه الأمة أمنا من كل بلاء، وحرزا من كل شيطان رجيم، ودواء من كل داء، ومن الخسف والحرق والمسخ والغرق ببركة {بسم الله الرحمن الرحيم}». كذا في خواص القرآن.
Shafi 15
وروي عن النبيء - عليه السلام - أنه قال: «إن في الجنة جبلا يقال له جبل الرحمة، وعليه قصر يقال له قصر الإسلام، وفي القصر بيت يقال له: بيت الجلال، وللقصر اثنا عشر ألف مصراع، من أسكفة الباب إلى الأخرى مسيرة خمسمائة عام (¬1) ، لا تفتح تلك الأبواب إلا لقائل: {بسم الله الرحمن الرحيم}». اه ببعض حذف.
قال المصنف: «الحمد لله رب العالمين».
أقول: قال في الطلعة: «الحمد لغة (¬2) : الثناء باللسان على الجميل الاختياري على جهة التبجيل، سواء تعلق بالفضائل أم بالفواضل.
¬__________
(¬1) - ... المشهور أن بين مصراعي الجنة مسيرة أربعين عاما، وقد رويت أحاديث عديدة في ذلك، منها ما روى الإمام أحمد قال: حدثنا حسن قال حماد فيما سمعته قال وسمعت الجريري يحدث عن حكيم ابن معاوية عن أبيه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال «أنتم توفون سبعين أمة أنتم آخرها وأكرمها على الله عز وجل وما بين مصراعين من مصاريع الجنة مسيرة أربعين عاما وليأتين عليه يوم وإنه لكظيظ«، حديث 19172 (ترقيم العالمية)، باقي مسند المكثرين. وقد أورده القطب اطفيش في جامع الشمل، كتاب الجنة والنار وأهلها، ج2/حديث 2430/ص107، وقال: «رواه أحمد عن معاوية بن حيدة، وهو ضعيف».
(¬2) - ... للتوسع في المعنى اللغوي للحمد، انظر: ابن منظور: لسان العرب، ج1/ص712-ش714.
Shafi 16
والشكر لغة (¬1) : فعل ينبئ عن تعظيم المنعم [من حيث إنه منعم] (¬2) على الشاكر، سواء كان ذكرا باللسان أم اعتقادا ومحبة بالجنان، أم عملا وخدمة بالأركان، فمورد الحمد هو اللسان وحده، ومتعلقه النعمة وغيرها، ومورد الشكر اللسان وغيره، ومتعلقه النعمة وحدها، فالحمد أعم متعلقا وأخص موردا، والشكر بالعكس.
والحمد عرفا (¬3) : فعل ينبئ عن تعظيم المنعم من حيث إنه منعم على الحامد أو غيره.
والشكر عرفا (¬4) : صرف العبد جميع ما أنعم الله عليه من السمع وغيره إلى ما خلق لأجله، فهو أخص مطلقا من الثلاثة قبله لاختصاص متعلقه بالله تعالى، ولاعتبار شمول الآلات فيه. والشكر اللغوي مساو للحمد العرفي، وبين الحمدين عموم من وجه». انتهى غاية البيان.
و«ال» في «الحمد» إما للعهد وإما للجنس وإما للاستغراق، فالوجوه الثلاثة كلها محتملة هاهنا، وكونها للاستغراق أوجه من الاحتمالين الأولين، لأن المراد الثناء على الله تعالى على كل فرد من آثار الصفات.
وإذا جعلت للعهد فالمراد بها حمد الله تعالى نفسه، أو الحمد الذي أمر به تعالى خلقه أن يحمدوه به، وكونها للجنس ظاهر لأن المراد منه أن جملة الحمدلة لله تعالى».
¬__________
(¬1) - ... وللتوسع في المعنى اللغوي للشكر، انظر: المصدر السابق، ج3/ص344-346.
(¬2) - ... الإضافة من متن طلعة الشمس، ج1/ص3.
(¬3) - ... «الحمد هو الثناء على الله تعالى بجميل صفاته»، قلعه جي وقنيبي: معجم لغة الفقهاء، ص186.
(¬4) - ... «الشكر: مقابلة النعمة بكفائها، بالقلب أو باللسان أو بالعمل»، نفس المصدر والصفحة.
Shafi 17
وقوله: «لله» قال في الطلعة: «واللام في «لله» إما للملك، وإما للاختصاص، وإما للاستحقاق؛ احتمالات [ثلاث] (¬1) ، وجعلها للاختصاص هاهنا أظهر، ويليه في الظهور الاستحقاق، وأضعفها الملكية، لأن الغرض من هذا السياق إنما هو الثناء عليه تعالى بما هو مختص به أو بما هو مستحق له من المحامد، لا الإخبار بأنه مالك لبعض أفراد العالم. فإن قيل: يحتمل من جعل «ال» للملك حصول الثناء عليه تعالى بأنه مالك للحمد، والملكية أشد اختصاصا من الاختصاصية والاستحقاقية، فيكون جعلها للملك أولى من جعلها للاختصاص أو الاستحقاق، قلنا: لا نسلم من كون الملكية أشد اختصاصا من الآخرين، يثبت أولوية حمل اللام على الملك هاهنا، فإن الاختصاص والاستحقاق أظهر في مقام المدح من الملكية، لأن الاختصاصية والاستحقاقية إنما يكونان لشيء في ذات المختص، والمستحق. والملكية إنما تنصرف إلى الأفعال» اه.
وقوله: «رب العالمين». أقول: إن لفظ «رب» له معان كثيرة نظمها بعضهم بقوله :
قريب، محيط، مالك، ... ومدبر ... مرب، كثير الخير، والمولى للنعم
وخالقنا المعبود، جابر ... كسرنا ... ومصلحنا، والصالح، الثابت القدم
وجامعنا، والسيد، احفظ ... فهذه ... معان أتت للرب، فادع لمن ... نظم
و«العالمين» جمع عالم، بفتح اللام، وهي أنواع المخلوقات، لأنها دالة على وحدانيته تعالى.
وفي كل شيء له ... آية ... تدل على أنه واحد
ولله في كل ... تحريكة ... وتسكينة أبدا ... شاهد
وهو هاهنا معناه المالك، وقيل: إن «العالمين» هم للعقلاء من الثقلين والملائكة، وبذلك قال ابن مالك: «هو اسم جمع لأنه لو كان جمعا لكان المفرد أعم من الجمع، لأن العالم يعم كل مخلوق، والجمع خاص بالعقلاء».
لطيفة
¬__________
(¬1) - ... الإضافة من المتن.
Shafi 18
قال وهب بن منبه (¬1) : «لله عز وجل ثمانية عشر ألف عالم، الدنيا عالم منها، وما العمران في الخراب إلا كخردلة في كف أحدكم»، وقد روي هذا مرفوعا إلى النبيء - صلى الله عليه وسلم - .
قال الشيخ عمر الفاروقي: «كنت أنا ويعقوب بن كراب ذات يوم جالسين بين يدي سيدي أحمد الرفاعي فجرى حديث الأمم، فقلت: أي ذكر سيدي بعض المفسرين أن الأمم كلها ثمانون مائة ألف تأكل وتشرب، وترث وتنكح، لا يكون الرجل رجلا حتى يعرفهم، ويعرف كلامهم وصفاتهم وأسماءهم وأرزاقهم وآجالهم». وسئل يوما عن شيء من قدرة الله تعالى ومخلوقاته، فقال: «إن لله في السماء بحرا من رمل يجري كجريان الرياح العاصفة منذ خلق الله الأرض إلى يوم القيامة، لا يدرى من أين إلى أين، يخلق الله بعدد كل ذرة منه دنيا مثل دنياكم هذه، فما ساعة تمضي من ليل أو نهار إلا ولله تعالى فيها قيامة تقوم على قوم، وميزان ينصب وصراط يمد، وقوم يدخلون الجنة، وقوم يدخلون النار، وهي غير الجنة التي أعدت لنا». حكى هذا الشيخ عبد الباري، والله أعلم.
قال سهل: «الأنفاس معدودة، فكل نفس يخرج من غير ذكر الله فهو ميت، وكل نفس يخرج بذكر الله فهو حي» والله أعلم، وبه التوفيق.
فائدة نذكر فيها فضائل التحميد
قال القطب - رضي الله عنه - : «وجاء حديث متصل عنه - صلى الله عليه وسلم - : «أفضل الذكر لا إله إلا الله، وأفضل الدعاء الحمد لله» (¬2) .
¬__________
(¬1) - ... هو وهب بن منبه الصنعاني الأبناوي، أو عبد الله (ت: 110ه): يمني من صنعاء، وهو من الطبقة الوسطى من التابعين. ... وانظر- العالمية: موسوعة الحديث، مادة «وهب».
(¬2) - ... أورده القطب في جامع الشمل، كتاب التوحيد والإيمان 11 وقال: «رواه الترمذي، والنسائي، وابن ماجة، وابن حبان في صحيحه، والحاكم في مستدركه، عن جابر بن عبد الله». ج1/ص16.
... ... وانظر برنامج العالمية: الترمذي، الدعوات 3305؛ وابن ماجة، الأدب 3790.
... ولفظ الترمذي: حدثنا يحيى بن حبيب بن عربي حدثنا موسى بن إبراهيم بن كثير الأنصاري قال سمعت طلحة بن خراش قال سمعت جابر بن عبد الله رضي الله عنهما يقول سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «أفضل الذكر لا إله إلا الله وأفضل الدعاء الحمد لله». قال أبو عيسى هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث موسى بن إبراهيم وقد روى علي بن المديني وغير واحد عن موسى بن إبراهيم هذا الحديث.
... وقال الحاكم في المستدرك: «صحيح»، وأقره الذهبي.
Shafi 19
وجاء عنه - صلى الله عليه وسلم - متصلا: «التسبيح نصف الميزان أي نصف الأعمال والحمد لله تملأه، ولا إله إلا الله ليس لها دون [الله] حجاب حتى تخلص إليه» (¬1) . ولا أذكر من الأحاديث إلا ما رفع إليه - صلى الله عليه وسلم - بسند عن فلان عن فلان، أو أخبرني فلان أخبرني فلان، أو نحو ذلك.
¬__________
(¬1) - ... رواه الترمذي في صحيحه، الدعوات 3441، قال: حدثنا هناد حدثنا أبو الأحوص عن أبي إسحق عن جري النهدي عن رجل من بني سليم قال عدهن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في يدي أو في يده: «التسبيح نصف الميزان والحمد لله يملؤه والتكبير يملأ ما بين السماء والأرض والصوم نصف الصبر والطهور نصف الإيمان». قال أبو عيسى هذا حديث حسن وقد رواه شعبة وسفيان الثوري عن أبي إسحق.
... ورواه الإمام أحمد، في باقي مسند المكثرين 21995، 22078 بلفظ قريب منه.
... وقال القطب في جامع الشمل: «رواه الترمذي، عن رجل من بني سليم، وذلك تسوية بين التسبيح والتكبير، بأن كلا يأخذ نصف الميزان، لأن الذكر ينحصر بالتسبيح والحمد، ويحتمل أن المراد أن التحميد وحده يملأ الميزان، وأنه أفضل من التسبيح، لأن الحمد المطلق يستحق أن يبرأ عن النقائص، منعوتا بنعوت الجلال، فشمل الأمرين. ذكره السيوطي عن الطيبي». ج1/ص252/ح827.
Shafi 20