Idah Fi Sharh Misbah
كتاب الإيضاح في شرح المصباح
Nau'ikan
ولو كانت تجري مجرى الوراثة لادعاها أولاد العباس كعبدالله وعبيدالله وقثم وهم لم يدعوها بل كانوا يعتقدون أنها لعلي عليه السلام وكانوا متولين من تحت يده ومتصرفين عن أمره، واعلم، أن هذه المقالة إنما حدثت في زمان المتولين من ظلمة بني العباس، أحدثها لهم ابن الراوندي يريد بذلك التقرب إليهم. ومما يبطل قول من قال أنها جزاء على الأعمال، أن من حق الجزاء على الأعمال الصالحة أن يكون شهيا لذيذا ولاشك أن الإمامة من الأمور الشاقة المتعبة بل هي من جملة التكاليف التي يجب على الإمام القيام بها، فكيف يجوز أن يجازى بتكليف على تكليف. ومما يبطل قول من يقول أن طريق الإمامة القهر والغلبة أن المبطل الظالم قد يغلب المحق العادل فلا تجوز ثبوت الإمامة له. وإلى هاهنا تم ما أردنا وكمل ما أوردنا من شرح الثلاثين مسألة الواجبة معرفتها على الأعيان على كل مكلف، فالحمد لله على هذه النعمة العظيمة والمنة الجسيمة. قال الشيخ: وهذه ثلاثون مسألة في أصول الدين يجب على المكلف المصير فيها إلى العلم اليقين ولا يجوز لأحد من المكلفين فيها التقليد بل لابد من النظر لما قررنا من الأدلة على وجوبه فيما سلف بعد إيراد كلام المخالفين فلا يحتاج إلى إعادة ذلك. ومن الأدلة على ذلك أن الله سبحانه قد ذم المقلدين وعاتبهم في التقليد فقال وهو أصدق القائلين{وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون}(البقرة:170) وغير ذلك من الآيات. ولقوله صلى الله عليه وآله وسلم المروي عنه بالإسناد الموثوق به:(من أخذ دينه عن التفكر في آلاء الله وعن التدبر لكتابه والتفهم لسنتي زالت الرواسي ولم يزل، ومن أخذ دينه عن أفواه الرجال وقلدهم فيه ذهبت به الرجال من يمين إلى شمال وكان من دين الله على أعظم زوال)، وكفى بذلك زاجرا عن تقليد الرجال وباعثا على النظر والاستدلال، فينبغي للعاقل أن يجتهد في خلاص نفسه من عذاب يوم يود المجرم لو يفتدي من عذاب يومئذ ببنيه وصاحبته وأخيه وفصيلته التي تؤيه ومن في الأرض جميعا ثم ينجيه.
Shafi 317