259

والقوة: على تدبير الأمر، والقوة على ذلك لها معنيان أحدهما أن يكون له رأي وتدبير بحيث يفزع إليه عند النوازل. الثاني أن لا يكون به علة تمنعه من مخالطة الناس كالجذام والبرص والعمى وأن يكون سليم الحواس والأطراف التي يختل القيام بثمرة الإمامة بفقدها، ووجه اشتراط القوة على تدبير الأمر بالمعنيين الذين ذكرناهما أن الغرض بالإمامة تدبير أمر الأمة في دينها ودنياها، فمهما لم يكن قويا على ذلك لم يقع الغرض بالإمامة فلا تصح إمامته، فهذه شروط (الإمامة عندنا) ، ولا يشترط عندنا سواها، وزاد أبو العباس والإمامية العصمة ولا دليل عليها إلا تقدير حصول المعصية لو لم يكن معصوما وذلك حاصل في المعصوم لقوله تعالى{لئن أشركت ليحبطن عملك}(الزمر:15) وزاد الإمامية أن يولد عالما، وذلك باطل، حيث لم تثبت للأنبياء صلوات الله عليهم قال تعالى{ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان}(الشورى:52) وقال تعالى{ووجدك ضالا فهدى}(الضحى:07) وقال تعالى حاكيا عن موسى عليه السلام {قال فعلتها إذا وأنا من الضالين}(الشعراء:20) ولما فرغ من بيان الشروط أخذ في بيان دليل حصر الإمامة في أولاد الحسن والحسين، ثم أتبعنا ذلك ببيان الدليل على أن طريق الإمامة في غير من نص عليه القيام والدعوة لا غيرهما كما زعمه المخالفون على اختلاف آرائهم. فقال: الدليل على ذلك المذهب الصحيح وهو القول بأن الإمامة محصورة في أولاد البطنين أن الأمة أجمعت على جواز الإمامة فيهم، لأن من قال إن الإمامة جائزة في سائر الناس فهم من الناس بل خيارهم، ومن قال أنها جائزة في قريش فقط فهم من قريش بل (من أخيارهم) ، ومن قال أنها في البطنين فقط فهم البطنان ولا دليل على صحتها في غيرهم، أما من أجازها في سائر الناس فمذهبه باطل بإجماع الصحابة بعد منازعة الأنصار يوم السقيفة حين أرادوا أن يبايعوا سعد بن عبادة فاحتج عليهم المهاجرون بالقرب من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وبكونهم من قريش، فلم يكن لكلامهم منكر ولا رده راد بل انقادوا لذلك طائعين فكان إجماعا، ومن ثم قال علي عليه السلام لما بلغه أن الأنصار طلبوا الأمر لو كان الأمر فيهم ما كانت الوصاية بهم، وأما قوله صلى الله عليه وآله وسلم:(أطيعوا السلطان ولو عبدا حبشيا)، فمحمول على عامل الإمام للإجماع على أن العبد لا يصح تصرفه بغير إذن سيده، وأما من أجازها في سائر قريش فلا حجة له، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم:(الأئمة من قريش) لا يقتضي ذلك لأن من للتبعيض فوجب حينئذ الاقتصار على المجمع عليه وترك المختلف فيه.

فإن قيل: كيف ندعي الإجماع على صحتها في جميع أولاد البطنين مع خلاف الإمامية في ذلك؟.

Shafi 312