258

والفضل: قال المنصور بالله: ليس بشرط زائد بل المراد به اجتماع الشرائط المذكورة في حق المدعي للإمامة، والذي عليه الأكثر أنه شرط زائد وأن معناه أن يكون له من المحافظة على الطاعات والتجنب للمكروهات ما يعهد لكثير من الفضلاء وأن يكون بينه وبين القبيح حاجز، وكذلك بينه وبين الإخلال بالواجب احتراز عن الإقدام والترك وهذا سمة لكثير من الصالحين يستلزمون لكثير من الطاعات غير الواجبة ويقفون عند الشبهات وإن لم يحصل لهم القطع بقبحها، وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم:(لكل ملك حمى وأن حمى الله محارمه وأنه من دار حول الحمى يوشك أن يقع فيه)، ووجه اشتراط الفضل إجماع الصحابة لأنهم لما اختلفوا ذهب كل فريق إلى ذكر مفاخره ومناقبه وفضائله، ولما حاجهم أبو بكر ذكر ما اختص به المهاجرون من الفضائل، ولما دخل أمير المؤمنين عليه السلام في الشورى أورد مناقبه وفضائله وقال: فيالله متى اعترى في الشك مع الأولين حتى أقرن مع هذه النظائر، واختلف في إمامة المفضول، فالذي عليه الزيدية أنه لا تجوز إمامة المفضول بحال وهو مما نص عليه القاسم والهادي والناصر والمؤيد بالله عليهم السلام، قال الناصر: ويفسق المفضول إذا سبق الأفضل بالدعوة، والمراد بالأفضل الأجمع لخصال الفضل، والأشهر في ذلك الأكثر الثواب فلا طريق إلى ذلك وذهبت الحشوية إلى جواز إمامة المفضول مطلقا، وإذا قام إمام ثم وجد أفضل منه بعد قيامه، فقال القاسم والناصر: يجب عليه التسليم له فإن أبى فسق إذ لا يجوز قيام المفضول مع وجود الأفضل، وقال المؤيد بالله وأبو طالب: لا يجب لأنه قد تحمل أعباء الأمر فصار أفضل، وذهبت الحشوية إلى جواز إمامة المفضول مطلقا، وفصل بعض المعتزلة فقال: تجوز إمامة المفضول إذا كان هناك عذر في إمامة الأفضل وبه قال الإمام يحي عليه السلام، قيل: وهو قول من قال من المعتزلة بأن عليا عليه السلام أفضل الصحابة إلا أن الإمامة في أبي بكر وعمر وعثمان جازت مع فضله عليهم لعذر وهو كونه عليه السلام كان في نفوس كثير من الناس عليه شيء لما كان منه في أيام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من قتل صناديد العرب والشدة في ذات الله ، وهذا عذر باطل إذ لا يجوز مخالفة النصوص لمثل هذا العذر وإلا أدى إلى ترك الصلاة والصيام وكثير من الواجبات عند

حصول عذر من الأعذار ودليلنا إجماع الصحابة على اشتراط الأفضل كما قررنا.

والشجاعة: والمراد بها أن يكون له رباطة جأش يمكنه تدبير الحروب عند التحام القتال وشدة كلب العدو وبحيث لا يدهش لبه في تلك الحال وتعمى عليه الأمور ولا يعتبر في الشجاعة مبارزة الأقران ومجادلة الفرسان، هذا ذكره الناصر وغيره، وذكر الهادي أن الشجاعة معناها أن يخلط الصفوف بالصفوف ويحمل على الألوف، ووجه اشتراط الشجاعة أنه لو لم يكن شجاعا لم يؤمن أن يحضر في عسكره في وجه العدو ثم ينهزم فيكون في ذلك وهنا في الدين وعلوا في شنار المفسدين وهذا خلاف الغرض بالإمام ولأن الجبان لا يتمكن إذا حضر العسكر من نظم أموره على وجه يحصل به نكاية العدو، ولأن جبنه يمنعه من إقامة الحدود على أكابر الناس وكل هذا يبطل الغرض بالإمامة.

والسخاء: والمراد به أن لا يشح بوضع مال الله في أهله ولا يعتبر سماحته بماله غير ما يجب عليه من الإنفاق في سبيل الله تعالى، ووجه اشتراط السخاء وجه اشتراط الورع إذ السخاء داخل تحت الورع.

Shafi 310