Idah Fi Sharh Misbah
كتاب الإيضاح في شرح المصباح
Nau'ikan
قلت وفي قول الشيخ: أن الذي يدل على أن تكليف مالا يطاق قبيح هو معلوم ضرورة ركاكة وقلقلة وكان الأولى في التعبير أن يقال وقبح تكليف ما لا يطاق معلوم ضرورة كما هو مؤدى عبارة((الخلاصة)). ومما يؤيد ما ذهبنا إليه قول الله تعالى{لا يكلف الله نفسا إلا وسعها}و{إلا ما آتاها}. وقوله{فاتقوا الله ما استطعتم}وقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم:(إذا أمرتم بأمر فأتوا به ما استطعتم). احتج المخالف: بأن الله تعالى كلف أبا جهل ما لم يطق حيث أمر أن يعلم بما جاء به النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبالإيمان معا، ومن جملة ما جاء به النبي صلى الله عليه وآله وسلم الإخبار بأنه كافر فإعلامه به تكليف ويلزم التكليف بلازمه وهو الكفر مع الإيمان فالجمع بينهما لا يطاق.
الجواب: عن ذلك من وجهين:
أحدهما: ذكره في الأساس وهو أن كفر أبي جهل سبب الإعلام بأنه كافر ضرورة لا أن ذلك الإعلام سبب لحصول كفره، وإذا لم يكن الإعلام سببا لم يلزم التكليف بالكفر ولأنه لم يكلف أبو جهل بالعلم بأنه كافر لحصوله عنده بسبب كفره إذ تحصيل الحاصل محال، وكذلك أمر الحكيم به محال. فثبت أنه لم يكلف إلا بالإيمان فقط.
والثاني: ذكره بعض أصحابنا وهو أنه إنما كلفه بتصديق النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيما جاء به على الجملة، لا في كل فرد إلا فيما بلغه منها فقط، ولا نسلم أن هذا مما بلغه إذ لا يجب التبليغ إلا إلى من له فيه مصلحة من حكم أو غيره ولا مصلحة لأبي جهل في ذلك. فثبت بذلك الذي قررنا من الأدلة وقطع شبهة المخالف أن الله تعالى لا يكلف عباده مالا يقدرون عليه وبطل ما قاله المخالف.
Shafi 156