قال الشيخ الامام الهادي محمد بن الهيصم -تغمده الله برحمته- : إن القتيبي- عفا الله عنا وعنه- قد أحسن الترتيب لهذه الوجوه، ولكنه إن كان قصد من ذكرها تبين اللغات السبع التي زعم أنها متفرقة في القرآن وحمل عليها قول النبي عليه السلام: نزل القرآن على سبعة أحرف، فإنه لم يضع البيان موضعه، وذلك أن اختلاف الألفاظ التي تختلف بها المعاني لا يعتبر في اختلاف اللغات ولو كان ذلك اختلاف اللغات لكان الواحد إذا قال: جاء زيد وقال آخر: ذهب عمرو، كانا قد تكلما بلغتين مختلفتين، ولكان في القرآن أكثر من ألوف اللغات (¬1) من حيث أن كل لفظة خالفت اللفظة الاخرى لغة مفردة، وهو مع ذلك فقد اعتبر في هذا الترتيب ما تختلف صورته فبي الكتاب وما لا يختلف، ومعلوم أنه لا مدخل لصورة الكتاب في اختلاف اللغات، وإنما تعتبر اللغة بالألفاظ دون صور الكتاب، وأيضا فإنه اعتبر فيما يختلف بالاعراب أو بالحروف ما يغير المعنى فجعله وجها آخر، وما لا يغير المعنى فجعله وجها آخر ولم يعتبر في الزيادة ما يفيد زيادة معنى وما لا يفيد بمنزلة قوله (¬2) : (فصيام ثلاثة أيام ) ]المائدة89[ إذا كان على قراءة من قرأ (ثلثة أيام متتابعات ) (¬3) أفاد زيادة معنى وهو السابع، وقوله (نعجة ) ]ص23[ إذا زيد فيه انثى (¬4) /12ظ/ لم يفد زيادته فائدة ولو أنه اعتبر هذا في الزيادة فجعلها وجهين كانت الوجوه تكون ثمانية، وليس اعتبار ذلك حيث اعتبره بأولى منه حيث تركه.
Shafi 65