149

سهام أيدي القانتين في السحر * محمد بن الحسين قال: قال الحسن: ابن آدم أين ملوك الدنيا وأربابها الذين عمروا خرابها. وحفروا أنهارها، وغرسوا أشجارها، ومدنوا مدائنها ؟ هيهات!! هيهات!! فارقوها وهم كارهون، وورثها قوم آخرون، وهم بالماضين عما قليل لاحقون. ابن آدم أذكر كل يوم أتى عليك فيه سرور. هل تجد لشيء بعد انقضائه لذة؟ أو لست إذا حزنت فكأنك لم تفرح ساعة قط؟ وإذا خفت فكأنك لم تأمن ساعة قط؟ وإذا مرضت فكأنك لم تصح ساعة قط؟ فكأنما الدنيا وما فيها من سرور وحزن الساعة التي أنت فيها.. ابن آدم فرغ بدنك لعبادة ربك فإنه إنما جعل لك سمعا لتسمع به مواعظه، وبصرا لتبصر به آياته، ولسانا لتتلوا به كتابه، وقلبا لتعرفه وتحفظ به وصيته، وإياك أن تصرف ذلك إلى معارضته، فتستوجب به نقمته. وأكثر ذكر الموقف فإنه يوم تزل فيه الأقدام، وتشخص فيه الأبصار، وتبلغ فيه القلوب الحناجر، وتبيض وجوه، وتسود وجوه، وتبدو السرائر، وتوضع الموازين بالقسط، ما تنتظر ابن آدم يؤمئذ إلا عفو الله أو النار.

* وعن عبدالواحد بن زيد، عن الحسن، أنه قال: يا ابن آدم اذكر من ذهب من آبائك كيف كانوا؟ وأين هم اليوم؟ ولعلك لن تبلغ ما بلغوا، وإن بلغته كان عاقبته الموت، فتصير إلى ما صاروا إليه. يا ابن آدم أما تعلم أنك خرجت إلى الدنيا من ظهر أمم قد هلكوا، حتى صرت إلى زمانك الذي أنت فيه، ثم ذكر نحو الخبر الأول وزاد فيه: وإذا مرضت فكأنك لم تصح ساعة قط؟ وكيف عجبك بدار وثقتك بها، وبما فيها؟ وأنت تعلم أنك مزايلها، وظاعن عنها، ثم لا تدري إلى أي المنزلتين تصير بعدهما إلى كرامة دائمة ونعيم مقيم، أو هوان طويل وعذاب وبيل.

Shafi 181