15

Ibn Hanbal: His Life and Era – His Opinions and Jurisprudence

ابن حنبل حياته وعصره – آراؤه وفقهه

سرخس في العهد الأموي، ولما لاحت في الأفق الدعوة العباسية عاون دعاتها، وانضم إلى صفوفهم، حتى أوذي في هذا السبيل، وقد قال الخطيب البغدادي في ذلك: ((جده حنبل بن هلال، ولى سرخس، وكان من أبناء الدعوة، فسمعت إسحاق بن يونس صاحب ابن المبارك يقول: ضرب حنبل بن هلال، وأبا النجم إسحاق بن عيسى السعدي - المسيب بن زهير الضبي، في دسهم إلى الجند في الشغب، وحلقهما)) (١).

وأبوه محمد كان جندياً، وقد وصفه ابن الجوزي عن الأصمعي، بأنه كان قائداً، فقد قال عن أبي بكر الأعين ((سمعت الأصمعي يقول: أبو عبد الله أحمد ابن حنبل من ذهل، وكان أبوه قائداً)) (٢) وذهل هو جد شيبان الذهلي، وقد قال ابن الجزري: ((كان أبوه في زي الغزاة)) (٣).

وسواء أكان قائداً كما ذكر في المناقب لابن الجوزي، أم كان في زي الغزاة كما ذكر ابن الجزري، فقد كان جندياً، كشأن العرب في ذلك العصر، لا يكونون زراعيين ولا صناعا، بل يكونون حماة وغزاة، وكان جده قد بلغ مبلغ الولاة، فكان والياً على سرخس، حتى صار من أبناء الدعوة العباسية، وأوذي في ذلك.

ويظهر أن أسرته كانت بعد انتقالها إلى بغداد تعمل للخلافة العباسية، ولم ينقطع اتصالها بها، وإن لم يكن منها ولاة، فإنه يروى أن عم أحمد كان يرسل إلى بعض الولاة بأحوال بغداد ليعلم بها الخليفة إذا كان غائباً عنها، وكان أحمد يتورع عن المشاركة في ذلك منذ صباه، حتى أنه يروى أن بعض الولاة قال: أبطأت علي أخبار بغداد، فوجهت إلى عم أحمد ابن حنبل: لم تصل إلينا الأخبار اليوم، وكنت أريد أن أحررها وأوصلها إلى الخليفة فقال قد بعثت بها مع أحمد ابن أخي ثم أحضر أحمد، وهو غلام، فقال: أليس قد بعثت معك الأخبار، قال: نعم. قال فلأى

(١) تاريخ بغداد جـ ٤ ص ٤١٥

(٢) المناقب ص ١٤

(٣) المصعد لابن الجزري

14