Ibn Hanbal: His Life and Era – His Opinions and Jurisprudence
ابن حنبل حياته وعصره – آراؤه وفقهه
فقدم هؤلاء الثلاثة، كما قدم أصحاب رسول الله ﷺ، لم يختلفوا في ذلك، ثم بعد هؤلاء أصحاب الشورى الخمسة: علي والزبير، وطلحة، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد، وكلهم يصلح للخلافة، وكلهم إمام))
ويعلق على هذا الخبر ابن الجوزي، فيقول: "يذهب في ذلك إلى حديث ابن عمر: "كنا نعد، ورسول الله ﷺ حي، وأصحابه متوافرون، أبا بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم نسكت (١)))
وبعد أصحاب الشورى الذين ذكرهم - أهل بدر من المهاجرين، ثم أهل بدر من الأنصار من أصحاب رسول الله ﷺ على قدر الهجرة، والسابقة أولا، فأولا، ثم سائر الصحابة.
وقد سقنا هذا لنعرف عقلية أحمد، ومقدار استمساكه بالأثر، واتباعه، وإن لم يكن لذلك التفضيل ثمرة عملية، وهو في حقيقته دراسة تاريخية.
ونراه في هذا يقف موقفا وسطا أيضا بين إمامين بالنسبة لمراتب الخلفاء الراشدين، فأبو حنيفة في رواية صحيحة عنه يفضل عليا على عثمان رضي الله عنه، وقد بينا ذلك في دراسته، ومالك يعد السبق في ثلاثة: أبي بكر، وعمر، وعثمان، ثم يذكر أنه بعد ذلك يستوي الناس، أما أحمد فإنه لا يعد سيف الإسلام في سائر الناس، بل يجعله في أصحاب الشورى الخمسة بعد رفع عثمان رضي الله عنه، والناس بعد ذلك دونهم على مراتب بينهم.
ثم نرى أحمد يعترف بخلافة علي رضي الله عنه، ويراها خلافة شرعية، ويصرح بذلك، فيقول: "من لم يثبت الإمامة لعلي، فهو أضل من حمار .... سبحان الله يقيم الحدود، ويأخذ الصدقة، ويقسمها بلا حق وجب له، أعوذ بالله من هذه المقالة، نعم خليفة، رضيه أصحاب رسول الله ﷺ، وصلوا خلفه، وغزوا معه، وجاهدوا، وحجوا، وكانوا يسمونه أمير المؤمنين راضين بذلك غير منكرين، فنحن لهم تبع" (٢).
(١) المناقب ص ١٦١
(٢) الكتاب المذكور
147