Ibn Hanbal: His Life and Era – His Opinions and Jurisprudence
ابن حنبل حياته وعصره – آراؤه وفقهه
٢٦ - هذه إشارة نبينها بعض التبيين، فنتكلم عن رأيه في الصحابة، وترتيب درجاتهم ومن يسب أحدا منهم، ثم رأيه في طريق اختيار الخليفة، والخروج عليه، والجهاد معه والاهتمام به، وهكذا.
٢٧ - وبالنسبة للصحابة هو يجلهم، ولقد جاء عنه أنه كان يرى أن من يسب أحدا من أصحاب رسول الله ﷺ مشكوك في إسلامه، أو ليس من أهل الإسلام، فقد روى عنه عبد الله ابنه أنه قال: ((قلت لأبي: من الرافضي؟ قال الذي يشتم، أو يسب أبا بكر وعمر، وسألت أبي عن رجل يشتم رجلا من أصحاب رسول الله ﷺ؟ قال ما أراه على الإسلام (١)))
ولقد روى عنه أنه قال: ((إذا رأيت رجلا يذكر أحدا من أصحاب رسول الله ﷺ بسوء فاتهمه على الإسلام (٢))).
هذا رأيه فيمن يسب الصحابة يتهمه في دينه، ويوسع مع ذلك في معنى الصحابة، فيقول: ((كل من صحبه سنة، أو شهراً، أو يوما، أو ساعة، فهو من أصحابه، له من الصحبة على قدر ما صحبه، وسمع منه، ونظر إليه ولو نظرة، فأدناهم صحبة هو أفضل من القرن الذين لم يروه، ولو لقوا الله بجميع الأعمال، كان هؤلاء الذين صحبوا النبي ﷺ، أفضل من التابعين بصحبتهم، ولو عملوا كل أعمال الخير، ومن انتقص أحدا من أصحاب رسول الله ﷺ، أو أبغضه لحدث كان منه، أو ذكر مساويه - كان مبتدعا، حتى يترحم عليهم جميعا، ويكون قلبه سليما لهم (٣)))
وتراه في هذا يرمي من لم يخلص للصحابة بقلبه، مع أنه يسبهم بلسانه بأنه مبتدع، والمبتدع عنده متهم في دينه.
٢٨ - هذه نظرته إلى الصحابة عموما، وأما ترتيب منازلهم، فهو أيضا متبع للسلف من الصحابة والتابعين، فهو يرى أنهم في الفضل مرتبون، ويقول في هذا الترتيب: ((خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر الصديق، ثم عمر بن الخطاب، ثم عثمان بن عفان،
(١) المناقب ص ١٦٥
(٢) المناقب ص ١٦٠
(٣) المناقب ص ١٦١
146