99

1

في الأدب العربي

يندر في الأدب العربي تمثيل الشياطين الشعرية من قبيل تلك الشياطين التي حفلت بها ملاحم الشعراء الغربيين وقصائدهم؛ لأن شعراء العرب لم ينظموا الملاحم التي يتمثل فيها أبطالها بملامحهم الظاهرة وملامحهم الخفية، ونحسبهم لو نظموا هذه الملاحم لما كان للشيطان فيها هذا الشأن الذي أصابه في أدب الغرب شعرا ونثرا؛ لأن الأدب العربي لا ينسب إلى الشيطان دورا في قصة الخليقة والخلاص كالدور الذي ينسب إليه في عقائد الأدباء الغربيين، فإذا نظم الشاعر العربي ملحمة عن الخليقة لم يكد يفعل فيها الشيطان فعلة غير ذلك الوسواس، الذي يطرأ على كل سريرة آدمية في ساعته، كما طرأ على سريرة آدم أو سريرة حواء.

وإذا تخيل المتخيل صفة للشيطان في كلام شاعر عربي، فلا نظنه يخرج منه بصفة غير تلك الصفة التي لخصها أبو نواس في خليط من الخبث والحماقة؛ لأنه:

تاه على آدم في سجدة

وصار قوادا لذريته

إبليس أكرم من أبيكم آدم

فتبينوا يا معشر الأشرار

وربما تكرر من الشعراء الذين يشخصونه لأنفسهم ذلك الحوار الذي دار بينه وبين أبي نواس: حوار من يستعين بإبليس على شهواته ويتوعد إبليس أن يتوب عن المعاصي إن لم ييسر له ما يشتهيه، وقد كان إبليس على هذه الصفة عند الشاعر الذي قال فيه:

النار عنصره وآدم طينة

Shafi da ba'a sani ba