لم تظفر الأيام، منا بغير الفلذ
فكن عش الغرام، وصرن مأوى الجرذ
لكنما أحلامنا لم تزل
ترقص سكرى فوق غلف المقل
حاملة للناس خمر الهوى
مشعة خلف كئوس الأمل
والغالب على ديوان عبقر روح غنائية يسعدها خيال موفق في كثير من تشخيصاته، وما ينطبق به لسان الحال من تلك الشخوص المخيلة. •••
وهذه الجوانب المتعددة من صور الشيطان في الأدب العربي الحديث تتم من جانبها الفني بقصة «الشهيد» للأستاذ توفيق الحكيم؛ لأنه أعطى الشيطان دوره المحتوم في مسرح الكون، وجعله كما هو في الواقع دورا لا حيلة فيه له، ولا لأصحاب الأديان الذين يلعنونه ويستنكرونه، ولكنه يلجأ إليهم ليتوب على أيديهم فلا يدرون كيف يقبلون توبته؛ فإن الحبر المسيحي لا يملك أن يتصرف في عقيدة الخطيئة والخلاص ، والرباني اليهودي لا يملك أن يتصرف في مكان شعب الله المختار بين الأمم التي أضلها الشيطان على اعتقاده، والإمام المسلم لا يملك أن يتصرف في التعوذ من الشيطان الرجيم.
ويصيح إبليس يائسا: «وجودي ضروري لوجود الخير ذاته ... نفسي المعتمة يجب أن تظل هكذا لتعكس نور الله.» ويبكي إبليس فتتساقط دموعه كالنيازك على رءوس عباد الله، فينهاه جبريل عن البكاء، ويحيق به اليأس من كل جانب، فيهبط إلى الأرض مستسلما، «ولكن زفرة مكتومة انطلقت من صدره وهو يخترق الفضاء ... رددت صداها النجوم والأجرام في عين الوقت؛ كأنها اجتمعت كلها معه لتلفظ تلك الصرخة الدامية: أنا الشهيد، أنا الشهيد».
ومن الحق أن نلحق بما تقدم لونا آخر من ألوان الحديث عن الشيطان في الشعر العربي، لم نثبته مع الصور السابقة لأنه من ألوان الرأي لا من ألوان التخيل والتصوير، ولكنه لا يهمل كل الإهمال في هذا المطلب؛ لأنه رأي يبديه صاحبه في حقيقة الشيطان.
Shafi da ba'a sani ba