102

بيل على العاتقة الخندريس

وفي أقصى الجنة يلقون الحطيئة والخنساء، ويسألون الخنساء عن شأنها فتقول: أحببت أن أنظر إلى صخر، فاطلعت فرأيته كالجبل الشامخ والنار تضطرم في رأسه فقال لي: لقد صح مزعمك في:

وإن صخرا لتأتم الهداة به

كأنه علم في رأسه نار

قال أبو العلاء عن صاحبه: «فيطلع فيرى إبليس لعنه الله وهو يضطرب في الأغلال والسلاسل، ومقامع الحديد تأخذه من أيدي الزبانية، فيقول: الحمد لله الذي أمكن منك يا عدو الله وعدو أوليائه، لقد أهلكت من بني آدم طوائف لا يعلم عددها إلا الله، فيقول: من الرجل؟ فيقول: أنا فلان بن فلان من أهل حلب، كانت صناعتي الأدب أتقرب به إلى الملوك، فيقول: بئس الصناعة - إنها تهب غفة - أي بلغة من العيش - لا يتسع بها العيال، وإنها لمزلة بالقدم، وكم أهلكت مثلك! فهنيئا لك إذا نجوت، فأولى لك ثم أولى، إن لي إليك حاجة فإن قضيتها شكرتها لك يد المنون، فيقول: إني لا أقدر لك على نفع؛ فإن الآية سبقت في أهل النار، أعني قوله تعالى:

ونادى أصحاب النار أصحاب الجنة أن أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله قالوا إن الله حرمهما على الكافرين .

فيقول إبليس: إني لا أسألك في شيء من ذلك، ولكني أسألك عن خبر تخبرنيه؛ إن الخمر حرمت عليكم في الدنيا وأحلت لكم في الآخرة، فهل يفعل أهل الجنة بالولدان المخلدين فعل أهل القريات؟ فيقول: عليك البهلة. أما شغلك ما أنت فيه؟ أما سمعت قوله تعالى:

ولهم فيها أزواج مطهرة وهم فيها خالدون

فيقول: وإن في الجنة لأشربة كثيرة غير الخمر، فما فعل بشار بن برد؟ فإن له عندي يدا ليست لغيره من ولد آدم؛ كان يفضلني دون الشعراء، وهو القائل:

إبليس أفضل من أبيكم آدم

Shafi da ba'a sani ba