كلا ، إنهم لا يفهمون هذا المقام لله لأنهم لا يعرفون أن الله عزيز عليم ولا يفقهون أنه الخلاق العليم بل يعرفون أنه خلاق فقط ولكنه لا يعلم ما خلق ولا يدري بما صعد وبما هبط سبحانه وتعالى عما يقولون. وعليه: فالصفتان في نهاية الآية هي مقرونة بالله العظيم، لقد وصف نفسه بأنه العزيز أي الغالب على أمره الغني عن خلقه الرفيع قدره ومع ذلك فهو العليم بكل شيء وحي بكل دقه وخبره بل هو لا يخفى عليه من الإنسان شيء من سره وجهره، وعليه: فعلى هؤلاء أن يخافوا بطشه الذي أصاب الأولين، وأن يتخذوه ربا وينبذوا اتباع المسرفين فإن الإسراف هو الذي أبعدهم عن الذكر المبين، وجعلهم من الضالين. ثم بعد هذه الصفات التي لا تخفى على الأذكياء، استرسل الله في وصف آلائه، وتعريف عباده بقدرته، فقال موضحا معنى العزيز العليم بطريق الالتفات الجميل فقال: (الذي جعل لكم الأرض مهدا وجعل لكم فيها سبلا لعلكم تهتدون * والذي نزل من السماء ماء بقدر فأنشرنا به بلدة ميتا كذلك تخرجون) [10-11]ثم أضاف ما هو أعظم وأوسع فقال: (والذي خلق الأزواج كلها وجعل لكم من الفلك والأنعام ما تركبون * لتستووا على ظهوره ثم تذكروا نعمة ربكم إذا استويتم عليه وتقولوا سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين * وإنا إلى ربنا لمنقلبون) [12و13و14]
ألا ترى معي أيها القارئ المتتبع معنا لهذا الموقع أن هذا الأسلوب القرآني أسلوب ممتع يأخذ اللب بالجمال، ويسمو به في سماء الجلال. لقد بدأ القضية بسؤال واضح الجواب، هو من خلق السماوات والأرض، فالجواب معروف، إنه الله بلا شك ولا ريب ولكنه لم يلفظ الجلالة بل أتى بأهم صفات الله وهو (العزيز العليم) فهو عزيز غالب على أمره غني وهاب لخلقه، وهو عليم بشأن كل شيء وحي، ولا يخفى عليه شأن ولا شيء، ولكي يوضح هذه العزة وهذا العلم الذي اختص بها الله أتى بالآيات التي تلي هذه الصفات والتي سبق أن أوردناها حتى النهاية، فهي تبدأ بتمهيد الأرض ويتوسطها إنزال الماء من السماء بقدر، فإذا به كل حي يحيا وينشر، ثم وهذا يدل على أننا سنخرج من الموت وسنحشر، فلنكن على استعداد لهذا اليوم الأكبر ثم تنتهي الآيات بخلق الأزواج كلها ومنها الفلك والأنعام التي سخرت لنركبها فكل ذلك مسخر لنا بفضل الله الذي ذللها ويسرها فإذا نحن على ظهورها مستوون وعلى مرساها ومجراها مسيطرون وبهذا فلا بد أن نكون لله ولنعمته ذاكرين ولربنا مسبحين شاكرين فلولاه ما كنا لهذه القوى مقرنين ومن رزقه وفضله بها مبتغين وعليها إلى كل بر وبحر منتقلين، إنه نعمة وفضل للعالمين ومتاع إلى حين فلا نندفع إليه متكاثرين ولا نفخر به متنافسين ولا نفرح به متعادين. لأنه فان ونحن فانون: (وإنا إلى ربنا لمنقلبون)
لنلقى منه الجزاء بما فعلنا، ولنرى حاضرا ما عملنا، فكيف ننسى العزيز العليم؟ الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما ثم خلق الإنسان وكرمه وسخر له ما فيهما إنه الجدير بأن يعبد ويحمد ويرجى ويقصد، وعليه يتوكل ويعتمد، فهو الله أحد، الله الصمد.خلقهن العزيز العليم ¶ أهلا أخي القارئ: إننا ندعوك بلطف إلى أوائل سورة الزخرف. فهيا معنا لنقرأ قول الله تعالى: (ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن خلقهن العزيز العليم) [9]هل ظن أن قوله (خلقهن العزيز العليم) يمكن أن يقوله أولئك المسرفون الذين وصفهم الله بقوله: (وما يأتيهم من نبي إلا كانوا به يستهزئون) [7]؟ ¶ كلا ، إنهم لا يفهمون هذا المقام لله لأنهم لا يعرفون أن الله عزيز عليم ولا يفقهون أنه الخلاق العليم بل يعرفون أنه خلاق فقط ولكنه لا يعلم ما خلق ولا يدري بما صعد وبما هبط سبحانه وتعالى عما يقولون. وعليه: فالصفتان في نهاية الآية هي مقرونة بالله العظيم، لقد وصف نفسه بأنه العزيز أي الغالب على أمره الغني عن خلقه الرفيع قدره ومع ذلك فهو العليم بكل شيء وحي بكل دقه وخبره بل هو لا يخفى عليه من الإنسان شيء من سره وجهره، وعليه: فعلى هؤلاء أن يخافوا بطشه الذي أصاب الأولين، وأن يتخذوه ربا وينبذوا اتباع المسرفين فإن الإسراف هو الذي أبعدهم عن الذكر المبين، وجعلهم من الضالين. ثم بعد هذه الصفات التي لا تخفى على الأذكياء، استرسل الله في وصف آلائه، وتعريف عباده بقدرته، فقال موضحا معنى العزيز العليم بطريق الالتفات الجميل فقال: (الذي جعل لكم الأرض مهدا وجعل لكم فيها سبلا لعلكم تهتدون * والذي نزل من السماء ماء بقدر فأنشرنا به بلدة ميتا كذلك تخرجون) [10-11]ثم أضاف ما هو أعظم وأوسع فقال: (والذي خلق الأزواج كلها وجعل لكم من الفلك والأنعام ما تركبون * لتستووا على ظهوره ثم تذكروا نعمة ربكم إذا استويتم عليه وتقولوا سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين * وإنا إلى ربنا لمنقلبون) [12و13و14] ¶ ألا ترى معي أيها القارئ المتتبع معنا لهذا الموقع أن هذا الأسلوب القرآني أسلوب ممتع يأخذ اللب بالجمال، ويسمو به في سماء الجلال. لقد بدأ القضية بسؤال واضح الجواب، هو من خلق السماوات والأرض، فالجواب معروف، إنه الله بلا شك ولا ريب ولكنه لم يلفظ الجلالة بل أتى بأهم صفات الله وهو (العزيز العليم) فهو عزيز غالب على أمره غني وهاب لخلقه، وهو عليم بشأن كل شيء وحي، ولا يخفى عليه شأن ولا شيء، ولكي يوضح هذه العزة وهذا العلم الذي اختص بها الله أتى بالآيات التي تلي هذه الصفات والتي سبق أن أوردناها حتى النهاية، فهي تبدأ بتمهيد الأرض ويتوسطها إنزال الماء من السماء بقدر، فإذا به كل حي يحيا وينشر، ثم وهذا يدل على أننا سنخرج من الموت وسنحشر، فلنكن على استعداد لهذا اليوم الأكبر ثم تنتهي الآيات بخلق الأزواج كلها ومنها الفلك والأنعام التي سخرت لنركبها فكل ذلك مسخر لنا بفضل الله الذي ذللها ويسرها فإذا نحن على ظهورها مستوون وعلى مرساها ومجراها مسيطرون وبهذا فلا بد أن نكون لله ولنعمته ذاكرين ولربنا مسبحين شاكرين فلولاه ما كنا لهذه القوى مقرنين ومن رزقه وفضله بها مبتغين وعليها إلى كل بر وبحر منتقلين، إنه نعمة وفضل للعالمين ومتاع إلى حين فلا نندفع إليه متكاثرين ولا نفخر به متنافسين ولا نفرح به متعادين. لأنه فان ونحن فانون: (وإنا إلى ربنا لمنقلبون) ¶ لنلقى منه الجزاء بما فعلنا، ولنرى حاضرا ما عملنا، فكيف ننسى العزيز العليم؟ الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما ثم خلق الإنسان وكرمه وسخر له ما فيهما إنه الجدير بأن يعبد ويحمد ويرجى ويقصد، وعليه يتوكل ويعتمد، فهو الله أحد، الله الصمد.
وإنه لعلم للساعة فلا تمترن بها
أهلا بك أيها القارئ المتتبع بإمعان لهذا الموقع الخاص بالقرآن. إننا ندعوك باحتفاء وتلطف، إلى آية أخرى من سورة الزخرف، إنها الآية التي يقول الله فيها: (وإنه لعلم للساعة فلا تمترن بها واتبعوني هذا صراط مستقيم) [61] كثير من المفسرين قالوا إن الضمير في (أنه ) يعود إلى (ابن مريم) المذكور في قوله تعالى قبل ذلك: (ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون) [57]وليت شعري ما الذي دعاهم إلى ذلك وما الذي خدعهم بذلك؟ إنه الوهم الذي تسرب إلى أذهانهم من الإسرائيليات بأن المسيح عليه السلام عائد إلى الدنيا وأنه حي وما مات ، ولعمري إنها لفرية انخدع بها الغافلون من ضعفاء المسلمين الذين لم يتأملوا القرآن المبين ولم يتمعنوا في كلام رب العالمين، الذي يقول مخاطبا لخاتم النبيين هو خطاب للناس أجمعين: (وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإين مت فهم الخالدون) [الأنبياء:34]والفكرة في سياق النص تفيد العموم فلقد عمت كلمة (البشر) كل الناس بلا استثناء ولو كان المسيح مستثنى من البشر لأوضحه الله ولكنه أكد موته فقال: (إذ قال الله ياعيسى إني متوفيك ورافعك إلي ومطهرك من الذين كفروا وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة ثم إلي مرجعكم فأحكم بينكم فيما كنتم فيه تختلفون) لقد توفاه الله ورفع جسده إليه ليطهره من الكافرين وحماه من الذين أرادوا قتله وصلبه حاقدين فهو ميت وليس من الخالدين.
وعليه: فإن عيسى عليه السلام لن يعود إلى الحياة إلا في يوم البعث والقيام واقرأوا الدليل في قول الجليل: (وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة)إذن فالمتبعون له لن يجدوه إلا يوم القيامة، فلن يروه في الدنيا؟ ولن يكون على الساعة علامة، ثم اقرأوا قول الله في ختام الآية: (ثم إلي مرجعكم فأحكم بينكم فيما كنتم فيه تختلفون)
فلم يقل إن الحكم بينهم سيكون حين يعود المسيح وينزل في الدنيا بل إن الحكم بينه وبين الماكرين به إنما سيكون في الأخرى وهذا يؤكد أنه لن يعود في الدنيا أبدا.
فكيف يقول الناس: إنه علم للساعة، إنه كلام لا يقوله إلا الذي لا يعرف اللغة وليس له من لبنها رضاعة، ولا يزجيه للناس إلا فاسد البضاعة. وكيف لا والله يقول عن المسيح ما يحكيه المسيح عن نفسه (والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا) [مريم:33]إنه تحديد لمراحل رحلته في الوجود بثلاث نقلات لا تزيد فهو كغيره من الناس ولادة ثم موت ثم بعث، وليس قبل الآخرة خلود، ولو كان له حالة زائدة أو حياة خالدة لقال الله: والسلام علي يوم ولدت (ويوم أعود) ويوم أموت ويوم أبعث حيا ، لأن الله لا يفرط في الكتاب من شيء ولا يخفى على الناس من الحقائق الضرورية شيء فكيف يخفى على الناس عودة المسيح بن مريم. إن هذا لا يليق بالله الذي يعلم ما لا نعلم، ومن ادعى علما لم يأت من الله فقد افترى وأجرم، وهو في الناس الأضل الأظلم،
ثم إن أردتم المزيد من التأكيد على أن المسيح لن يعود فإليكم الخبر الشافي المفيد. إنه اجتماع للرسل أجمعين أمام رب العالمين، ملك يوم الدين، في هذا اليوم يوجه إليهم السؤال عن نتائج الإرسال، فاسمعوا الكلام باهتمام واصغوا لقول الله العلام، (يوم يجمع الله الرسل فيقول ماذا أجبتم قالوا لا علم لنا إنك أنت علام الغيوب) [المائدة:109]
ثم يتوجه الكلام في ذلك اليوم إلى عيسى بن مريم من ربه الذي أرسله وهو به أعلم، فيذكره بالذي أعطاه له ربه وعليه وعلى أمه أنعم، وهو كلام حق لا ينكر وهو واقع محتم ولهذا فإن عيسى لا يجيب ولا يتكلم لأنه يدري أن قول الله الحق وهو الأعلم. إنه حوار يدور في يوم القيامة فيه تذكير بأحوال ونعم نالها وعايشها رسول الله عيسى في حياة واحدة في الدنيا ، فلو كان له عودة لذكرت في هذا الحوار الرباني الأعظم مع عبده عيسى بن مريم ولو كانت له حياة ثانية ونزول قبل يوم القيامة لأوضحها الله العليم الجليل في هذا الحوار الجميل. ثم لماذا نتوه وننساق في التطويل، والكلام بين أيدينا يحسم الجدال ويفحم الضلال، ذلك هو ما يقوله يوم القيامة ذو الجلال، موجها إلى رسوله عيسى هذا السؤال: (وإذ قال الله ياعيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق إن كنت قلته فقد علمته تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك إنك أنت علام الغيوب * ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن اعبدوا الله ربي وربكم وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شيء شهيد) [المائدة:116و117] إن هذا السؤال والجواب لا يدل إلا على حياة واحدة لعيسى بلا شك وبلا ارتياب. فلو كان له عودة إلى الدنيا قبل يوم القيامة لما صح أن يوجه إليه هذا السؤال من ربه ذي الجلال فهو يعلم أن الذين جعلوا عيسى إلها قد ضلوا منتهى الضلال وأنهم سيبقون على ضلالهم إلى يوم القيامة ولقد استمروا كذلك بلا جدال ولهذا صح توجيه السؤال إلى عيسى عليه السلام فكان جوابه هو الحق الذي يجب أن يقال، وعليه فإن القول بعودته إلى الدنيا قبل يوم القيامة هو الغفول الذي يتبع أوهامه فلا دليل له إلا الغوى ولا علم لديه ولا هوى فليس عيسى علما للساعة، ولن يعود قبلها ولو حتى بنصف ساعة، بل هو إنسان كغيره من الرجال كما أخبر الله عنه وقال بحصر وقصر يقفل المجال: (إن هو إلا عبد أنعمنا عليه وجعلناه مثلا لبني إسرائيل) [59]أفهمتم ما قاله ذو الجلال؟ لقد وصف الله عبده عيسى بأنه لبني إسرائيل فقال والله قادر على أن يخلق ما يشاء في كل حال، ولهذا أردف الآية بالبيان فقال: (ولو نشاء لجعلنا منكم ملائكة في الأرض يخلفون) [60]أي لو شاء لجعل بدلا عن الناس في الأرض ملائكة يعيشون فيها ويموتون ويخلف بعضهم بعضا كما هو حال الناس في هذه الدنيا. فكيف لا يقدر أن يخلق عبدا من عباده بلا أب ولكن بأم، ألم يخلق من التراب آدم؟ فكيف تستنكر حال عيسى بن مريم وعلى هذا الأساس جعله الناس إلها فضلوا وعلى ضلالهم جادلوا وفي الخصام العنيد استرسلوا فهم للعقول بالباطل أبطلوا.
Shafi da ba'a sani ba