قالت روزماري: «هيا اخرجي. اخرجي، ستأوين إلى الفراش بعد دقيقة، هيا.» ثم أكملت وهي تجرها وتضحك: «أتظنين أنني أستطيع حملك؟» وعندما جرت كارين للخارج، ما أدى إلى تعثر الفتاة بالقرب من الباب، قالت: «انظري إلى النجوم، انظري إلى النجوم، إنها رائعة.» وما كان من كارين إلا التذمر وهي ما زالت تخفض رأسها.
قالت روزماري: «إلى الفراش، إلى الفراش.» دخلتا الكارافان، وانبعثت منه رائحة طفيفة خلفها ديريك؛ حيث الماريجوانا وبذور القهوة والأخشاب. انبعثت منه أيضا رائحة المكان نفسه الناتجة عن عدم تهويته لفترة، إلى جانب رائحة السجاد والطبخ. استلقت كارين بثيابها كاملة على فراشها الصغير، وألقت لها روزماري بمنامتها التي كانت ترتديها العام الماضي وقالت: «بدلي ثيابك وإلا فسيصاحبك شعور مزعج حين تستيقظين. سوف نحضر حقيبتك في الصباح.»
بذلت كارين ما بدا لها مجهودا مضنيا وهي تعتدل جالسة لتخلع ثيابها ثم ترتدي المنامة. أما روزماري، فانشغلت بفتح النوافذ، وآخر ما سمعته كارين منها هو قولها : «ماذا عن أحمر الشفاه؟ ماذا كان الغرض منه؟» وكان آخر ما أحست به هو ملمس قطعة القماش المبللة التي مسحت به أمها فمها لإزالة أحمر الشفاه؛ فبصقت كارين ما دخل فمها من مذاق سيئ، مستمتعة بشعورها الطفولي، وبرودة الفراش أسفل منها، ورغبتها الشديدة في النوم. •••
كان ذلك ليلة السبت والساعات الأولى من صباح الأحد. وفي صباح الإثنين، تساءلت كارين: «هل يمكنني الخروج لزيارة آن؟» فقالت روزماري: «بالطبع. اذهبي.»
كانت كارين وأمها قد نامتا في وقت متأخر ليلة الإثنين، ولم تغادرا الكارافان طوال يوم الأحد. فزعت روزماري لهطول المطر وقالت: «الليلة الماضية كانت النجوم متلألئة في السماء، وكذلك عندما عدنا إلى البيت، وها هي تمطر في أول أيام إجازتك الصيفية.» كان على كارين أن تؤكد لها أن الأمر على ما يرام، فهي على أي حال تشعر بالكسل ولا تريد الخروج. أعدت روزماري لها قدحا من القهوة بالحليب، وقطعت بطيخة لتأكلاها معا غير أنها لم تكن ناضجة تماما (كانت آن تلاحظ هذا، لكن روزماري لم تلاحظ)، ثم قامتا في الرابعة عصرا بإعداد وجبة عامرة من لحم الخنزير وكعك الوافل والفراولة والكريمة الصناعية. وفي قرابة الساعة السادسة، غابت الشمس وهما لا تزالان ترتديان منامتيهما. وهكذا انتهى اليوم بلا فائدة. قالت روزماري: «على الأقل لم نشاهد التليفزيون؛ وهذا إنجاز نهنئ أنفسنا عليه.»
قالت كارين وهي تشغله: «حتى الآن.»
كانتا تجلسان وسط كومة من المجلات القديمة التي سحبتها روزماري من الخزانة. كانت هذه المجلات موجودة في الكارافان عندما انتقلت إليه، وأخرجتها روزماري هذا اليوم وفي نيتها التخلص منها أخيرا، لكن بعد أن تطلع عليها لتصنفها وترى إذا كان من بينها ما يستحق الاحتفاظ به. غير أنها لم تصنفها كما قالت؛ بل ظلت تقرأ بصوت عال ما تجده من أخبار. ضجرت كارين في بادئ الأمر، لكنها تركت نفسها لاحقا تنجذب إلى هذا الزمان الغابر، بإعلاناته الطريفة وصور السيدات بتسريحات الشعر غير العصرية.
لاحظت كارين أن هناك دثارا مطويا وموضوعا فوق الهاتف، فقالت: «ألا تعرفين كيف توقفين تشغيل الهاتف؟»
قالت روزماري: «لا أريد إيقاف تشغيله، وإنما أريد سماع رنينه ولا أجيبه. أود أن أمتلك القدرة على تجاهله. كل ما في الأمر أنني لا أريد رنينه عاليا.»
لكنه لم يرن طوال اليوم.
Shafi da ba'a sani ba