196

History of Andalusian Literature (Era of the Taifas and Almoravids)

تاريخ الأدب الأندلسي (عصر الطوائف والمرابطين)

Mai Buga Littafi

دار الثقافة

Inda aka buga

بيروت - لبنان

Nau'ikan

ذكرت بالورد حسن الورد منبته ... حسنا وطيبا وعهدا غير مضمون
هيفاء لو بعت لرؤيتها ... بساعة لم أكن فيها بمغبون
كالبدر ركبه في الغصن خالقه ... فما ترى حين تبدو غير مفتون
فاشرب على ذكرها خمرا كريقتها ... وخصني بهواها حين تستني ويتبدى لنا هنا كيف أصبحت الصورة " لمحة " يسترسل بعدها الشاعر في تذكره وحنينه ووصف وجده وأشواقه، ولكن هذا المزج بين الغزل والمنظر والطبيعي اتجاه يشبه المزج بين الطبيعة والخمر، وإذا قارنا هذه اللمحات الخاطفة لدى المالقي بقصيدة لابن زيدون وجدنا ان المنظر الطبيعي دخل بقوة بناء الغزل الأندلسي وذلك في قصيدته (١):
إني ذكرتك بالزهراء مشتاقا ... والأفق طلق ووجه الأرض راقا
وللنسيم اعتلال في أصائله ... كأنما رق فاعتل إشفاقا
نلهو بما يستميل العين من زهر ... جرى الندى فيه حتى مال أعناقا
والروض عن مائه الفضي مبتسم ... كما حللت عن اللبات اطواقا
كأن أعينه إذ عاينت أرقى ... بكت لما بي فسال الدمع رقراقا
يوم كأيام لذات لنا انصرمت ... بتنا لها حين نام الدهر سراقا فهذا التوازي بين منظر الطبيعة الضاحك المشرق وحال الحزين قد زاد في عمق المفارقة، ولم ينجح في اثارة الطبيعة للعطف على حاله حين ذكر اعتلال النسيم وتخيل بكاء الزهر بماء الندى إشفاقا ومشاركة له، لأنه أمعن في تصوير الاستبشار والنمو والتفتح في جنبات الطبيعة. غير انه وفق حين جعل من هذا المنظر الفريد صورة للماضي في ظل المحبوبة

(١) ديوان ابن زيدون: ١٣٩.

1 / 202