Hikmat Gharb (Sashi na Farko)
حكمة الغرب (الجزء الأول): عرض تاريخي للفلسفة الغربية في إطارها الاجتماعي والسياسي
Nau'ikan
Vhalcis ، حيث مات سنة 322ق.م.
إن معظم ما نعرفه من مؤلفات أرسطو ينتمي إلى الفترة الأثينية الثانية، وليس كل هذه المؤلفات كتبا بالمعنى الصحيح، فمن المرجح أن بعض هذه المؤلفات مبني على مذكرات دونت أثناء قيامه بالتدريس. وهكذا يبدو أن أرسطو كان أول مؤلف لكتب مدرسية، بل إن بعض هذه المؤلفات تبدو تدوينات قام بها الطلاب أنفسهم، وترتب على ذلك أن جاء أسلوب أرسطو مملا يفتقر إلى الشاعرية، رغم أن من المعروف أنه كتب محاورات على طريقة أفلاطون، لم يبق منها شيء، وإن كانت بقية مؤلفات أرسطو تشهد بأنه لم يكن شخصية أدبية على مستوى أفلاطون، فبينما كتب أفلاطون روائع درامية، أنتج أرسطو كتبا مدرسية جافة. وبينما كان قلم أفلاطون يتدفق بمحاورات حية نابضة، كان أرسطو ينتج أبحاثا منهجية.
ولكي نفهم أرسطو ينبغي أن نذكر أنه أول ناقد لأفلاطون، ومع ذلك لا يمكن القول إن نقد أرسطو كان يرتكز في كل الأحوال على معرفة صحيحة. وعادة يكون من المأمون أن نثق بأرسطو عندما يسرد آراء أفلاطون، أما عندما ينتقل إلى تفسير معناها فإنه لا يعود موثوقا منه، وبالطبع يمكننا أن نفترض أن أرسطو قد عرف الرياضيات السائدة في عصره، وهو أمر يبدو أن عضويته في الأكاديمية تؤكده، ولكن من المؤكد أيضا أنه لم يكن ميالا إلى الفلسفة الرياضية لأفلاطون، بل إنه لم يفهمها أبدا في الواقع. وينطبق هذا الحكم نفسه على تعليقات أرسطو على الفلاسفة السابقين لسقراط، فحين يقدم سردا مباشرا لآرائهم نستطيع أن نعتمد على ما يكتب، أما التفسيرات فلا بد أن تؤخذ كلها بحذر.
وعلى حين أن أرسطو كان عالما مرموقا للأحياء، حتى لو تسامحنا مع بعض الأخطاء التي تبدو غريبة إلى حد ما، فإن آراءه في الفيزياء والفلك كانت مضطربة إلى حد ميئوس منه، والواقع أن أفلاطون الذي جمع بين تراث المدرستين، الملطية والفيثاغورية، كان في هذه الناحية أفضل منه بكثير، وكذلك كان العلماء الهلينستيون المتأخرون مثل أرسطارخوس
Aristarchus
وإراتوسثنيس
Eratosthenes ، وربما كان أشهر إسهام قدمه أرسطو إلى الفكر المنهجي هو مؤلفاته في المنطق. صحيح أن الكثير من هذه المؤلفات كان مستمدا من أفلاطون، ولكن النظريات المنطقية كانت عند أفلاطون مبعثرة بين مواد أخرى كثيرة، على حين أنها أصبحت عند أرسطو مركزة ومعروضة بصورة ظلت تعلم بها دون تغيير تقريبا حتى الوقت الحاضر.
ولقد كان تأثير أرسطو من الناحية التاريخية معوقا، ويرجع ذلك أساسا إلى الجمود الأعمى والذليل لدى الكثير من أتباعه، ولكن هذا شيء لا يمكننا بالطبع أن نلقي فيه اللوم على أرسطو نفسه. ومع ذلك يظل من الصحيح أن الإحياء العلمي في عصر النهضة كان يمثل انشقاقا على أرسطو وعودة إلى أفلاطون. والواقع أن أرسطو ظل في نظرته العامة ابنا للعصر الكلاسيكي، على الرغم من أن أثينا كانت قد بدأت في التدهور قبل أن يولد، ولم يفهم أرسطو أبدا مغزى التغيرات السياسية التي حدثت خلال حياته، والتي كان فيها العصر الكلاسيكي قد بلغ نهايته منذ أمد طويل.
ليس من السهل أن نناقش ميتافيزيقا أرسطو؛ وذلك لأسباب من بينها أنها مبعثرة بين عدد كبير من مؤلفاته، ومن بينها أنه يفتقر إلى الالتزام الواضح القاطع، وينبغي أن نلاحظ منذ البداية أن ما نسميه الآن بالميتافيزيقا لم يكن يحمل ذلك الاسم في عصر أرسطو؛ فالميتافيزيقا حرفيا تعني ببساطة «ما بعد الفيزيقا»، وقد اكتسب الكتاب هذا العنوان؛ لأن ناشرا قديما وضعه بعد كتاب الفيزيقا (الطبيعة) عند ترتيبه لمؤلفات أرسطو. ولقد كان الأجدر به أن يضعه قبل كتاب الطبيعة؛ لأن هذا موضعه المعقول ،
12
Shafi da ba'a sani ba