Hikmat Gharb (Sashi na Farko)
حكمة الغرب (الجزء الأول): عرض تاريخي للفلسفة الغربية في إطارها الاجتماعي والسياسي
Nau'ikan
Mytilene
في جزيرة لسبوس.
وكما قلنا من قبل، فإن كتاب أرسطو عن تصنيف الحيوان ينتمي إلى فترة دراسته في الأكاديمية، وخلال إقامته في إقليم بحر إيجة، لا بد أن يكون قد أجرى أبحاثه في علم الأحياء المائية، وهو ميدان أسهم فيه بنصيب لم يتم تجاوزه إلا في القرن التاسع عشر. وفي عام 343ق.م. استدعي إلى بلاط فيليب الثاني في مقدونيا؛ ليكون معلم الإسكندر بن فيليب. وظل أرسطو يقوم بعمله هذا طوال ثلاث سنوات، غير أننا لا نعرف تفاصيل هذه الفترة من مصادر موثوق بها. وربما كان هذا أمرا مؤسفا، إذ إن المرء لا بد أن يلح عليه التساؤل عن مدى السيطرة التي استطاع الفيلسوف الحكيم أن يمارسها على الأمير المدلل. ومع ذلك يبدو من المعقول القول إنه لم يكن هناك الكثير مما يشترك فيه الاثنان؛ فقد كانت آراء أرسطو السياسية مبنية على دولة المدينة اليونانية التي كانت على وشك الزوال. أما الإمبراطوريات المركزية كتلك التي شادها الملك الأعظم «الإسكندر» فكانت خليقة بأن تبدو له، كما تبدو لجميع اليونانيين، بدعة دخيلة. فقد كان لدى اليونانيين في هذه المسألة، كما في غيرها من المسائل الثقافية، اعتزاز محمود بتفوقهم، غير أن العصر كان يسير نحو التغير، وكانت دولة المدينة في أفول، والإمبراطورية الهلينستية في صعود. أما إعجاب الإسكندر بأثينا بسبب ثقافتها فأمر لا ينكره أحد، غير أن هذا شيء كان يشاركه فيه الجميع، ولم يكن أرسطو هو سببه.
ومنذ عام 340ق.م. حتى وفاة الملك فيليب في عام 335ق.م، عاش أرسطو في موطنه الأصلي مرة أخرى، ثم عمل في أثينا منذ ذلك التاريخ حتى وفاة الإسكندر في عام 323ق.م. وفي هذه الفترة أسس مدرسة خاصة به، هي اللوقيوم
Lyceum
التي سميت باسم معبد قريب منها هو معبد أبولولوكيوس، أي قاتل الذئب. في هذه المدرسة كان أرسطو يحاضر تلاميذه، ماشيا بين القاعات والحدائق، ومتحدثا خلال سيره، ومن هذه العادة اكتسب التدريس في اللوقيوم اسمه المعروف هو: الفلسفة المشائية
peripatetic . ومن الطريف أن نلاحظ أن الكلمة الإنجليزية «حديث أو خطاب
discourse » تعني حرفيا الجري هنا وهناك. ولم يصبح مقابلها اللاتيني مستخدما بمعناه الحالي، وهو معنى البرهان المرتكز على العقل، إلا في العصور الوسطى، ومن الجائز أنها اكتسبت هذا المعنى من استخدامها في صدد الفلسفة المشائية، وإن كان هذا أمرا يثير الكثير من الجدل.
وبعد موت الإسكندر، هب الأثينيون ثائرين على الحكم المقدوني، وكان من الطبيعي أن تتجه الشكوك إلى أرسطو على أساس أنه موال للمقدونيين، كما اتهم بالخروج عن العقيدة، وكما أثبتت حالة سقراط من قبل، فإن مثل هذه الإجراءات القانونية يمكن أن تسفر أحيانا عن نتائج لا تسر. غير أن أرسطو لم يكن مثل سقراط، وقرر أن يتجنب غضب الوطنيين، حتى لا يرتكب الأثينيون جريمة أخرى ضد الفلسفة، فترك إدارة اللوقيوم لثيوفراسطس
Theophrastus ، ورحل إلى خالكيس
Shafi da ba'a sani ba