Labaran Shairanci
حكايات شاعرية: قصائد قصصية من الأدب الألماني الحديث
Nau'ikan
راح يذهب ويجيء على حافة الشاطئ، لم يجده أن يرسل البصر ويستطلع الآفاق، ولا أن يبعث بصوت ندائه في كل اتجاه، فلم يتحرك قارب واحد ليغادر الشط، وينقله إلى بلده الحبيب، ولم يحرك نوتي شراعه صوب المكان الذي يقف فيه، وتدافعت الأمطار، فحولت النهر الوحشي إلى بحر.
جلس على الشاطئ وراح يبكي ويبتهل لزيوس بيدين مرفوعتين للسماء: «أوقف يا إلهي غضب النهر، إن الساعات تمر والشمس الآن في الظهيرة، وإذا غابت قبل أن أصل إلى المدينة، فسوف يضيع مني الصديق بلا مراء.»
لكن النهر تزايد غضبه باستمرار، وتكسرت الأمواج على الأمواج، وانصرمت الساعات واحدة بعد الأخرى. عندئذ حفزه القلق المخيف فواتته الشجاعة وألقى بنفسه وسط الطوفان الهدار، وراح يشق النهر بذراعيه القويتين، بينما الإله يباركه ويرأف بحاله.
وأخيرا بلغ الشاطئ، وأسرع خطواته، وهو يشكر للإله الذي أنقذه. وفاجأه ظهور عصبة من قطاع الطرق انشقت عنها ظلمات الغابة المعتمة، سدوا عليه الطريق، وراحوا يشهقون، ويزفرون بأنفاس قاتلة، لم يكتفوا بإيقافه عن السير، بل أخذوا يهددونه بالهراوات.
هتف ووجهه شاحب من الرعب والذهول: «ماذا تريدون مني؟ أنا لا أملك غير حياتي، وحياتي سأسلمها حتما للملك.»
وفجأة انتزع الهراوة من أقربهم منه وهتف: «بحق السماء، أليس في قلوبكم رحمة.»
وبضربات عاجلة جندل ثلاثة من الأشقياء فلاذ الآخرون بالفرار.
والشمس ترسل حممها الحارقة، ويسقط على ركبتيه، وقد أضناه الجهد والعناء: «لقد أنقذتني من أيدي قطاع الطرق، وترفقت بي، وأعنتني على عبور النهر إلى بلدي المقدس، فهل قضيت علي بأن أهلك في هذا المكان، بينما الصديق، صديقي الحبيب، يموت هناك؟!»
أنصت وإذا به يسمع صوت خرير ناعم، يتدفق ويتألق بالقرب منه، وإذا بنبع يتفجر من قلب الصخر، ويتمتم ويثرثر، ويركع على ركبته وقد غلبته الفرحة، ويطفئ ظمأه وينعش أعضاءه الملتهبة.
وتطل الشمس من خلال الغصون والأوراق، وترسم ظلالا هائلة على الأشجار وخضرتها الناصعة. رأى اثنين يعبران الطريق من بعيد، وخطر له أن يهرب منهما بسرعة، وإذا به يسمع أحدهما يقول: «إنهم يضعونه الآن على الصليب.»
Shafi da ba'a sani ba