Labari Ba Tare da Farko ba ko Karshe

Najib Mahfuz d. 1427 AH
89

Labari Ba Tare da Farko ba ko Karshe

حكاية بلا بداية ولا نهاية

Nau'ikan

فهز رأسه موافقا فواصلت: وتساءلت طويلا إلى من يحسن بي أن ألجأ، حتى هداني التفكير إليك. - أستغفر الله.

وتريثت لحظات ثم قالت: إنك لا تعرفني إلا كزميلة في إدارة السكرتارية. - بلى. - فعلي أن أقدم لك نفسي الحقيقية. - أهلا بها. - هي نفس مقضي عليها بالسجن المؤبد في شقاء دائم. - أرجو أن تتكشف بعد تبادل الرأي عن مغالاة عاطفية. - بل هي حقيقة واقعية.

تجلى الاهتمام في عينيه وهو يقول: إني مصغ إليك.

فقالت وهي تتنهد: حسبي أن أعرض عليك الفصل الأخير من المأساة.

فتجلى الاهتمام بصورة أوضح. - إني يتيمة الأبوين، لي إخوة ثلاثة صغار، نقيم في بيت زوج المرحومة أمنا. - وضع معقد. - وأبعد ما يكون عن الراحة. - لا يمكن إنكار ذلك. - وهو رجل عنيد متعجرف. - زوج المرحومة؟ - دون غيره. - أهو عجوز مثلي؟ - بل أكبر، وهو لا يحبنا! - هل أنجب لكم إخوة؟ - كلا، إنه عقيم! - ذلك مدعاة لحب الأطفال. - ولكنه شاذ، وقد أفهمني عقب وفاة والدتي بأنني المسئولة وحدي عن إخوتي.

وساد الصمت مليا حتى استطردت قائلة: لعله بقراره لم يجاوز العقل! - بلى ولكنه جاوز الرحمة. - على أي حال أنا لا أطمع في رحمته! - مفهوم. - وهو يمن علينا بالمأوى وببعض المساعدات وإن يكن يحتسبها ديونا مؤجلة.

هز الكهل رأسه دون أن ينبس فقالت متنهدة: لعلك تخيلت الصورة التي أعيش في إطارها، والحق أني لا أملك النقود اللازمة لملابس فتاة موظفة. - وشابة في عز شبابها! - هكذا تمضي الأيام في قسوة ومرارة، تحت رعاية عنيفة لا تعرف الرحمة، بلا أمل، أي أمل في غد أفضل!

فقال الكهل كالمحتج: لا يجوز أن ننظر إلى الحياة بهذه العين. - ولو كانت بالحال التي ذكرت؟ - ولو كانت!

ثم تساءل وكأنه يناجي نفسه: من ذا يقطع بما يخبئه الغد؟!

فرفعت منكبيها زهدا في مناقشة فكرته وقالت وهي تتنهد: وإذا بي أشعر بزحف الزمن، من خلال حياة التقشف والمرارة أخذ الزمن يطاردني. - ولكنك ما زلت في مطلع الشباب! - إني في الرابعة والعشرين من عمري. - عز الشباب! - ولكنه في مثل حالتي يعد مرحلة من الشيخوخة. - لا داعي للمبالغة، إن وضعك ليس الوحيد من نوعه في بلادنا، ما أكثر أشباهه وإن اختلفت الظروف والأسباب.

Shafi da ba'a sani ba