Labari Ba Tare da Farko ba ko Karshe

Najib Mahfuz d. 1427 AH
68

Labari Ba Tare da Farko ba ko Karshe

حكاية بلا بداية ولا نهاية

Nau'ikan

نزع بصره من النيل كمن يصحو من غفوة وتساءل: ماذا قلت يا عزيزتي؟ - من يبدع هذه اللؤلؤة فهو معجزة! - المعجزة حقا من تصنع اللؤلؤة من أجله.

فجلست إلى جانبه فوق الديوان وهي تقول: جميل أن أسمع منك غزلا رقيقا حتى اليوم. - حقا؟ .. ما وجه العجب في ذلك؟ - المألوف أن الغزل يوارى كلما أوغل المرء في الزواج. - ولكنك نبع للحب لا ينضب أبدا.

فمسحت على شعر رأسه بنعومة وقالت: حقا؟! - أيداخلك شك في ذلك؟ - كلا ولكنك لم تعد كما كنت.

فتردد قليلا ثم قال: لا علاقة لذلك بحبنا. - لا تخف عني شيئا فإني أشعر بكل شيء. - أردت دائما ألا أجرك إلى متاعبي. - ستجدني دائما في صميم متاعبك، لا تخف عني شيئا.

فتنهد قائلا: الحق أني محاصر بالقلق. - أرأيت؟! - أقاومه بكل ما أوتيت من قوة الانحدار إلى الهاوية! - وأخفيت عني كل شيء. - لم أكف دقيقة واحدة عن الكفاح. - والجميع يضربون المثل بسعادتنا. - الحق أني أندفع نحو الخراب. - الخراب؟! - اختل ميزان العمل في يدي ولا سبيل إلى ضبطه.

فقالت بحزن حقيقي: أي لعنة، أي لعنة، أي صحوة مباغتة من سعادة وهمية! - بل كانت وما زالت سعادة حقيقية. - أي لعنة تطاردني! لم أضن بعطاء، هيأت لك عشا ذهبيا، ما رأيك في عشنا؟ - جنة. - وأصدقائنا؟ - جذابون كالسحر. - ورحلاتنا وليالينا؟ - جمال في جمال. - أينقصنا شيء؟ - أبدا ولكني أنفق المال بجنون! - إنك صائغ عبقري ولا حدود لقدرتك. - لو كان مال قارون لنفد. - لا تقل ذلك يا حبيبي. - ولكنها الحقيقة. - وأي طعم للحياة بغير مباهجها الحقيقية؟ - أنا مهدد بالخراب العاجل. - لا تخيب أملي فيك. - ولكنها الحقيقة. - لا تعلن عجزك.

فقال بجزع: كل شيء له حد لا يجوز أن يتجاوزه. - إنما تهمني النتائج، أنا أحب الحياة الحلوة بقدر ما أحبك. - أنت جميلة، أنت فاتنة، أنت عطر الحب وروحه، ولكنك تتعلقين بمسرات يمكن الاستغناء عنها. - لا تقل ذلك أبدا. - الحب أغلى من أي شيء سواه. - ولكن أزهاره لا تنور إلا في خمائل المسرات. - ظننته غنيا بنفسه عما عداه. - لعل حبك فتر. - يا له من حكم جائر! - عندما يفتر الحب ينشط التفكير والتدبير. - أبدا، ليس الأمر كذلك. - عندما يفتر الحب يبدأ الندم على السرور البريء. - أنت تعلمين أن حبي لك لا يفتر أبدا. - بل وليتني ظهرك أمس واستغرقت في النوم! - بسبب انشغال البال لا فتور الحب.

فهزت رأسها في ارتياب فقال: ما أنا إلا إنسان ذو طاقة محدودة. - لم تكن كذلك في أيامنا الحلوة. - أنت سيدة ناضجة وتدركين من حقائق الأمور ما يقصر عن إدراكه غيرك.

فقالت بحدة: لم أحب هذا القول. - ما قصدت سوءا قط. - ولكني كرهته. - إني أعتذر، وإني أحبك، وأقر بأنني إنسان ذو طاقة محدودة! - إنك ترعبني. - حتى الحب تلزمه استراحات قصيرة. - إنك تحملني ذنوب الآخرين. - لا يعنيني الماضي قط. - إني امرأة بريئة، لا عيب فيها إلا أنها تحب الحياة حبا لا يعرف الحدود. - ولكنه حب لا يتأتى لرجل إشباعه. - الحق ما أنا إلا ضحية لعجز الرجال. - يا حبيبتي علينا أن نحرص على حياتنا المشتركة.

فقالت بكبرياء: لم أستطع ذلك في الماضي ولا أستطيعه الآن. - أليس ذلك أيضا نوعا من العجز؟ - كلا، لا تسم الأشياء بأضدادها. - أنت اليوم في عز نضجك.

Shafi da ba'a sani ba