Labari Ba Tare da Farko ba ko Karshe

Najib Mahfuz d. 1427 AH
13

Labari Ba Tare da Farko ba ko Karshe

حكاية بلا بداية ولا نهاية

Nau'ikan

تنهدت زينب وقالت: يا لك من رجل تفوق جرأته الخيال!

فرق بينهما صمت. أراح رأسه بالنظر إلى الحديقة. تلقى دفقة من انفعالات طارئة. قال وكأنما يخاطب نفسه: يا للذكرى، ها هي نفحة من الماضي تهب كأنما تهب من بستان، حاملة عرف عرق خاص، لعله عرق الإبطين، ناشرة صورا مطوية في قلب الزمن، تثير الحنين بقدر ما تثير الشجن. - ماذا تعني؟

عاد يحدق فيها ثم قال: ما زلت جميلة كما كنت.

فهتفت بحدة: يا لك من رجل مريض! - ليكن لسانك نفخة من ذكريات لا نصلا للطعن والقتل. - كأنك إبليس بلحمه ودمه.

فقال باسما في غموض: هيهات أن تعرفي عذابات رجال الطريق. - ولكني أعرف المنافقين.

فقال متوغلا في الانفعالات الطارئة: القلب نبع يفيض بمنصهر المعادن النفيسة والخبيثة، والسرور توءم الحزن. - إنك تهذي.

ولكنه باخ. أفاق تماما. تراخت شفتاه امتعاضا. قال بفتور: أرجو ألا يخيب مسعاي في إرجاع الجميع إلى بيوتهم. - وأرجو ألا أضطر إلى المجيء مرة أخرى. - بوسعك أن تفعلي شيئا لتجنيب حارتنا ويلات نزاع يوشك أن ينقلب داميا. - بوسعك أنت أن تفعل هذا خيرا مني.

تساءل عابسا: أتجرين مجراهم؟! أتطمعين أنت أيضا في مالي الحلال وولايتي المستمدة من كرامات جدي الأكرم؟! - إني أصغر شأنا من أن أنبهك إلى ما ينبغي لك. - بفضل طريقتنا يؤمن أحقر رجل في حارتنا بأنه أصل الوجود وغايته!

فقامت وهي تقول: هل أغنانا ذلك عن تعاستنا شيئا؟!

فقام أيضا وهو يقول محتدا: إنك على وشك الزيغ يا زينب. - إني منتظرة وعدك. - كان أبوك مريدا صادقا. - رحمه الله. - مات سعيدا كما يجدر بمؤمن. - ولكنه عاش عيشة مريرة! - أهم ما في الحياة هو الموت!

Shafi da ba'a sani ba