واتخذ ابن أخيه لوط خولا وحيوانا من الماشية كثيرا، وحفر إبراهيم لكثرة ماشيته بيارا شتى، ثم إنه كان بين حشمه وبين حشم لوط تضايق، لكثرة ما أنمى الله لهم من الحيوان، فضاقت بهم المياه، فأوقع ضيق المياه بين الخول لكثرة مواشيهم تنازعا، وكان هو وابن أخيه قد حفروا بيارا ومياها كثيرة في بوادي الجبال وغور الأرض، يتقلبون فيها شتاء وصيفا، خالين بطاعة الله وتقواه، سائحين بذكره وعبادته في تلك الخلوات والمحال الطاهرات.
فلما تنازع رعاته ورعاة ابن أخيه مما كثر من ماشية لوط ومواشيه، فقال إبراهيم عليه السلام لابن أخيه قول الأنبياء الكرام: يا ابن أخي لا أحب أن تقع الضغائن بين خولك وخولي، فانظر ما في أيدينا من المياه التي حفرنا وبوادينا فاختر أي الناحيتين شئت، إن شئت فاختربوا دينا التي في غور فلسطين، وإن شئت فاختر الجبال المقدسة التي نكون بها صائفين، فخيره صلى الله عليه وآله وسلم أي البلدين شاء ومياههما ما كان منها جبليا أو غورا وسهلا.
فاختار لوط عليه السلام غور فلسطين ومياهها وسهلها وبواديها، فاعتزل فيها فصار بخوله وماشيته إليها.
Shafi 74