وأجمع أهل المدينة وفقهاؤهم وغيرهم أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أتى برجل شرب مسكرا لم يذكروا أنه كان خمرا، فلما أيقن صلى الله عليه وآله وسلم أنه شارب، وذلك أنهم ذكروا في الخبر أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمر بالرجل أن يستنكه ويشم ريح الشراب منه، فلما أخبر صلى الله عليه وآله وسلم أن ريح الشراب موجود من الرجل، ثم لم يسأل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أكثر من شربه أو أقل، وحكم عليه بأن يضرب حدا، ودعا بالسوط فأتي بسوط يابس قاحل، وإنما كانت السياط حينئذ تعمل من جلود الإبل، فخشي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن ضرب بذلك السوط أن يقتله، ولم يرد قتله صلى الله عليه وآله وسلم، وإنما أراد أن يؤدبه وينكله فقال: (( ائتوني بسوط دون هذا )) فأتي بسوط ليس بالقاحل اليابس ولا بالمارن المفرط في اللين فأمر بالرجل فحد وجلد في ظهره ثمانين.
فاحذروا يابني ثم احذروا شرب الكثير والقليل بل أقل القليل من كل شراب أسكر، فإن الشراب المسكر باب كل بلية وفسق وفجور وشر.
ولا اختلاف بين هذه الأمة الخاصة منهم والعلماء والجهلة من العامة أن السكر حرام، ثم ذكروا أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((ما أسكر كثيره فقليله حرام)) وحرم الله الخمر التي تخامر العقل بالسكر.
وأجمعت الأمة على تحريم قليلها وكثيرها وما الخمر في الإسكار وما تحمل عليه من المعاصي الكبار إلا كغيرها.
Shafi 49