ومن مثل ذلك وفيه ، ما كان يقول صاحب إنجيلهم صلى الله عليه (1): (للسباع مغار ، وللطير أوكار ، وليس لي مأوى آوي إليه ، ولا بيت أستكن فيه ) (2) فأين هذا ومثله؟! وما كانت عليه أنبياء الله منه ورسله ، من جوار من ظلم وفجر ، وساكن وكثر وعمر ، لا أين والحمد لله!! والحجة البالغة فلله ، ونستعين فيما وجب علينا في ذلك بالله.
فالهجرة أمرها عظيم كبير ، وفرضها في كتاب الله مكرر (3) كثير ، لا يجهله إلا جهول ، ولا ينكره إلا مخذول ، إلا أنه قد قطع ذكرها ، وصغر قدرها ، وأمحى (4) عهودها ، وحل عقودها ، تحكم الناس على الله فيها ، وتظاهرهم بالمخالفة لله عليها.
والمقام مع الظالمين في دارهم محرم ، حكم من الله كما ترون أول مقدم ، قد جرت به سنة الله قبلكم في الماضين ، وسار به من قد (5) مضى قبل رسولكم من المرسلين ، صلى الله عليه وعليهم ، في الأمم الذين كانوا فيهم.
فكفى بهذا في وجوب الهجرة ، وما حرم الله من جوار الظالمين والفجرة ، نورا وبرهانا ، وحجة وبيانا ، لمن آثر الله على ما يهوى ، ولم يمل مع هواه على التقوى.
فأما من لا يصبر عما يجمع ديار (6) الظالمين من الشهوة والفكاهات ، وما يأوي
إنجيل متى 228.
Shafi 288