واعلم أن كلام المصنف- تبعًا للرافعي- يوهم أن البغوي علل بالجمع بين البدل والمبدل، مع أن البغوي لم يذكر ذلك بالكلية، والمراد بالجمع: بالنسبة إلى المسح، لأن الخف الواحد الباقي على إحدى الرجلين مبدل عن الجرموق، والجرموق في الأخرى بدل عن الخف.
قوله: وقد قيد في «الوجيز» استحباب مسح الأسفل بما إذا لم يكن عليه نجاسة. وهذا منه تفريع على جواز الصلاة في الخف الذي أزيل جرم النجاسة عنه بمسحه على الأرض، وإلا فقد تقدم أن الخف المتنجس الذي لا تجوز الصلاة فيه لا يجوز المسح عليه. انتهى كلامه.
وهو عجيب، فإن الذي أفهمه كلامه المتقدم وكلام غيره إنما هو فيما إذا كان الخف جميعه متنجسًا، أما لو كان الأعلى طاهرًا والأسفل متنجسًا فإنه لا يمسح الأسفل، لما فيه من انتشار النجاسة، بل يمسح الأعلى فقط، ويصح مسحه، وحينئذ: فإذا أراد الصلاة: فإن كانت النجاسة مما يعفى عنها فواضح وإن لم يعف عنها أزالها بطريقها: إما بالماء على قولٍ، وإما بالدلك على آخر.
وقد أجاب الرافعي في كلام الغزالي بنحو ما ذكرته، فقال باحثًا في كلامه: ولا شك أنه إذا عند المسح على أسفل خفة نجاسة فلا يمسح عليه، لأن المسح يزيد فيها، والقول في أنه كيف يصلي فيه: أتتعين إزالة النجاسة عنه بالماء كما في سائر المواضع، أم يكفي دلكه بالأرض- سيأتي في كتاب الصلاة، إن شاء الله تعالى.
هذا كلام الرافعي، وهو واضح. نعم، يتجه تخريج المسألة على أن المسح على الخف هل يرفع الحدث، أو لا يرفعه وإنما يبيح الصلاة؟ فإن قلنا بالأول- وهو ما صححه في «الروضة» من «زوائده» - فلا إشكال في صحة المسح مع نجاسة الأسفل، وإن قلنا بالثاني فيظهر بناؤه على أن من تيمم وعلى بدنه نجاسة: هل يصح أم لا؟ ويجوز أن يفرق بينهما.
قوله: فإن اقتصر على مسح القليل من أعلاه أجزأه، وإن اقتصر على ذلك من أسفله لم يجزئه على ظاهر المذهب، وقيل: يجزئه.
ثم قال بعد تقرير هذا الخلاف ما نصه: وقد جعل الرافعي محل الخلاف فيما يحاذي أخمص القدمين والكعبين، وقال: إنه لا كلام في أن ما يحاذي غير الأخمص وغير العقبين يجوز الاقتصار عليه، انتهى كلامه
وتعبيره بالكعبين هنا غلط، فإن الكعب هو العظم الناتئ بين مفصل الساق والقدم،
20 / 42