والثاني: أن الأسفل كاللفافة، والخف هو الأعلى.
والثالث: أن الأسفل بمنزلة طاقة من طاقات الخف والبطانة له.
وبنى المراوزة على هذه المعاني فروعها، منها: إذا لبس الأسفل على الطهارة، ثم أحدث ومسح عليه، ولبس الأعلى- فقال الرافعي: إن منهم من بناه على المعاني، فقال: إن قلنا بالأول والأخير فله المسح عليه، وإن قلنا بالوسط فلا. وهذه طريقة القاضي حسين، وحاصلها وجهان حكاهما أبو الطيب وغيره، ومنهم من قال: إن قلنا بالوسط انبنى على أن المسح على الخفين هل يرفع الحدث أم لا: فإن قلنا: إنه يرفعه، جاز له المسح، وإلا فلا. انتهى.
وما نقله- ﵀ عن اختيار القاضي الحسين لهذه الطريقة ليس كذلك، بل إنما اختار الطريقة التي تليها، وهي الجواز على الأول والأخير، وبناء الوسط على رفع الحدث، كذا ذكره في «تعليقه».
واعلم أن تعبيره عن الثلاث المتقدمة بـ «المعاني» قلد فيه الرافعي و«الروضة» مع أنها أوجه لابن سريج كذا صرح به جماعة منهم: الإمام في «النهاية»، والروياني في «البحر»، والعمراني في «البيان»، والرافعي في «الشرح الصغير» فقال: فيه ثلاثة أوجه عن ابن سريج. هذه عبارته.
قوله: ومنها: لو تخرق الأسفل من إحدى الرجلين، فإن قلنا بالمعنى الأول قال في «التهذيب»: نزع واحدة من الرجل الأخرى، كي لا يكون جامعًا بين البدل والمبدل، وليس كما إذا تخرق الأعلى من إحدى الرجلين، حيث جرى في لزوم النزع من الأخرى الخلاف الذي سلف، لأن ما لاقاه المسح هنا باقٍ، ولا كذلك ثم، فإنه الذي نزع فصار كالخف ينزع عن الرجل. انتهى كلامه.
وهذا الفرق الذي ذكره المصنف إنما ذكره للرد على كلام ذكره الرافعي، فإنه لما ذكر الحكم والتعليل السابقين عبر بقوله: كذا ذكره في «التهذيب» وغيره، ولك أن تقول: هذا المعنى موجود فيما إذا تخرق الأعلى من إحدى الرجلين، وقد حكوا وجهين في لزوم النزع من الرجل الأخرى، فليحكم بطردهما هاهنا. هذا كلام الرافعي، وهو كلام محقق متين، والفرق الذي ذكره المصنف غلط عجيب على العكس من المسألة، فإن الأعلى الذي حصل المسح عليه، وأشبه الخف الواحد المنزوع من إحدى الرجلين- هو الذي حصل فيه الخلاف، والتحتاني هو المجزوم به، فتوهم العكس حالة شروعه في الفرق.
20 / 41