156

Rayuwar Gabas

حياة الشرق: دوله وشعوبه وماضيه وحاضره

Nau'ikan

ولما خيم ظلنا في المغرب الأقصى قيل لنا إن هنالك آثارا تاريخية نفيسة تدل على ماض مجيد انطوت صفحته، ولم نكن نظن أن تلك الآثار باقية على روعتها ولكن وقعت أنظارنا على تحف فنية قيمة كادت يد الفناء تخنى عليها إلا أن عودة الأمن والنظام إلى البلاد أحيت موات الفن المغربي، فنهض الفنانون من كل جهة ونموا بأسرار فيهم فكان لهم من وراء ذلك ما أقصى الدمار عن الفن في تلك الديار، وأسعدنا الحظ بأن نجد هناك طائفة كبيرة من العلماء الأعلام والكتاب البلغاء وكانوا قبلا يقيمون معتزلين عن غيرهم.

أما السواد الأكبر من العاملين في معهد العلوم العالية المغربية فهم من أنصار اللغة العربية، وقد أقبل وجهاء الأمة وأعيانها على تعلم اللغة الفرنسوية وأصبح جمهور كبير منهم يحسنها.

وللنشء الجديد عناية خاصة بالتعلم وإقدام على إحراز المعارف، وهو يسير معنا جنبا إلى جنب ليكون صلة بيننا وبين مواطنيه. ومع ما له من الميل إلى التعمق في البحث ومعالجة المسائل الحديثة، فلا يذهل عن المحافظة على تقاليد بلاده واستقراء تاريخها والمباهاة بعظمتها وسؤددها، وهذا يدل على أن المراكشي يستطيع أن يجعل بلاده جميلة متوافرة فيها جميع أسباب الرقي والعمران مع بقائه مراكشيا ومسلما، وعلى هذا الجيل أعول في تعاوننا وفي حسن مصير البلاد.

ا.ه كلام القائد الفرنسي ليوتي.

ولم يكتف الماريشال ليوتي بهذا، بل كتب في المجلة نفسها يقول عن مراكش والإسلام في يناير سنة 1932:

إن الذين يتهمون الإسلام بأنه دين تأخر وتقهقر وجمود واستبداد مخطئون الخطأ كله، فإن اختباري الشخصي عشرات السنين قد دلني على أن الإسلام دين تقدم وحضارة وعدل وليس معارضا بنظمه وروحه للعلوم والفنون، بل هو على العكس يحث عليها ويشجع الذين يدينون به على الحياة الراقية، والآثار التي وجدناها في شمال أفريقيا تؤيد ذلك وتثبته. ا.ه. كلام ليوتي. عن مجلة «لامارش دي فرانس».

وما ألطف المقارنة بين هذه الأقوال التي كتبها مشير فرنسي مقامه أرقى من مقام وزير، وبين ما كتبه هانوتو عن الإسلام منذ ثلاثين عاما، وقد أوردناه في هذا الكتاب نفسه! هل هو تطور الأفكار بمضي الزمن، أم اختلاف الرجلين عقلا وإدراكا، أم إخلاص من ليوتي ونفاق من غيره؟

استشهاد عمر المختار في طرابلس الغرب

من حوادث المؤتمر الإسلامي احتجاج إيطاليا على حكومة فلسطين لخطبة ألقاها الأستاذ عبد الرحمن عزام بشأن أسر عمر المختار وإعدامه في 16 سبتمبر سنة 1931.

وحقيقة الخبر أنه جاء في ذلك التاريخ نبأ تلغرافي من رومة بأن الكتيبة السابعة من الجيش الإيطالي أسرت عمر المختار وفي اليوم التالي أعدم رميا بالرصاص باعتباره ثائرا بالسلاح في وجه حكم إيطاليا. والرجل كان حين أسر وأعدم في الثمانين من عمره، وهو زعيم المجاهدين في الجبل الأخضر ولم ينزل عن سرج جواده منذ سبع سنين. وكان الرجل قد لجأ إلى مصر في سنة 1923 فوصلت إليه أخبار القسوة والوقائع الدموية التي تحدث في غيبته في طرابلس فتحركت همته فخرج طالبا الموت في سبيل وطنه، وألف فرقة صغيرة من العرب ألحقت خسائر كبيرة بجنود الأعداء.

Shafi da ba'a sani ba