Rayuwar Gabas
حياة الشرق: دوله وشعوبه وماضيه وحاضره
Nau'ikan
ثم قال: فإما ميتة تغسل العار وتمحو الذل وإما فوز يؤيد الحق.
اقتحموا نيران الغاصبين أطفالا ونساء وشيوخا وشبانا وعجائز.
أظننتم أن الإفرنج يصدقون في وعودهم لكم؟ لا والله، فلا تخدعوا أنفسكم.
خافوا نهب منازلكم وتدنيس معابدكم وانتهاك أعراضكم، اقضوا ما بقي من هذه الحياة في الثأر. ا.ه. ما جاء في الاستغاثة.
وقد رد عليها مؤرخ شرقي بقوله:
ولنا الحق في أن نضحك من هذه الدعوة إلى الجهاد بعد فوات الوقت، وبعد أن بلع الحجاز ما بلع من الذهب حتى تخم وسدت لهاته سدا بالأصفر الرنان. فلما جفت يد الحلفاء أخذ بعضهم يستنفر العرب ويقدمهم ضحية رجالا ونساء وأطفالا تحقيقا لمطامع الوادي، ويحتفظ بنفسه ويدعي أن الإفرنج الغدارين نقضوا عهود العرب، مع أن العرب لم يتعاهدوا معهم على شيء! وهكذا يكون خبث السياسة المتلوية كالأفاعي.
ترجع مطامع الإنجليز في بلاد العرب إلى عهد غارة نابوليون على مصر وسوريا، ولكنها لم تدخل في طور العمل إلا بعد ظهور نفوذ الخلافة العظمى بين مسلمي الهند إبان ثورة 1857. والإنجليز الذين اتخذوا مسقط وبوشير مركزا لحركات توسعهم في شرق الجزيرة وثغر عدن للتوسع في جنوبها، اتخذوا احتلالهم لمصر قاعدة لحركاتهم ودسائسهم في سورية والحجاز.
وقد وفقوا في الزمن الأخير لإيجاد زمرة من الخونة بمصر من أهل سورية ولبنان وفريق من المصريين رغما عن رفعة مراكزهم في الهيئة الاجتماعية ورغم ما يتظاهرون به من العلم والفضل والغيرة على الإسلام وأهله، وقد باعوا ذممهم للإنجليز واشتروا الدنيا بالآخرة وانقطعوا لكيد الدولة العثمانية خصوصا وللإسلام عموما، بتوهين آخر حصونه.
وقد حاول أولئك الأوغاد تأسيس روابطهم مع الأمير عون الرفيق فعاجلته المنية فالتفتوا نحو حسين بن علي وابن سعود. إن الاحتفالات التي كانت تقام في مصر لعبد الله بك عند مروره المتوالي بمصر أظهرت خطتهم وكرروا المساعي مع الأمير علي باشا فانتهرهم، وحاولوا التودد إلى الإمام يحيى فلم تخف عليه حقيقتهم، ثم اتصلوا بالإدريسي وأسرة النقيب في بغداد وخزعل الذي كان يقابل غورست كلما جاء مصر، وكذلك أسفار إسماعيل حسن وعزت الجندي وحسن صبري وحسن حمادة وأتباع الشيخ علي يوسف ورجل آخر صحفي سوري مسلم من رجال الدين؛ كل ذلك صار سرا مذاعا، وخطب محيي الدين بك متصرف عسير، ومسألة الشيخ أحمد الهزازي وكذلك المخابرات بواسطة عارف القوم بمصر وعبد الرحمن قنصل الإنجليز بجدة.
والتقارير المرفوعة بواسطة الباشا الذي كان بالمعية الخديوية وقيلت في حقه قصيدة «البال»، وسياحات المحامي الشرعي الذي توفي، وإرسال بعض سكان قرية اليوسفية بقنا شرقا وغربا وشمالا وجنوبا؛ فمصدرها معروف. كما أن خطبة عبد الله وطعنه في الدولة أمام ضباط «أمدين» لمحالفتها ألمانيا دون إنجلترا فقد خرقت الستار الرقيق. وجاء طلب الأمير من وهيب باشا قبيل سفره أن تعلن الدولة .انفصال الحجاز عنها تماما إلا في العلاقة الدينية فأفصح عن الغرض المنشود. ا.ه. كلام المؤرخ الشرقي.
Shafi da ba'a sani ba