96

Rayuwar Almasihu

حياة المسيح: في التاريخ وكشوف العصر الحديث

Nau'ikan

وكان - عليه السلام - يجاري أسرته في هذه الشعائر التي لا ضير فيها، ولم يكن يضيق على الناس في المحافظة على المأثورات التي تعودوا أن يحتفلوا بها، ويفرحوا فيها بالاجتماع، وتبادل التهنئات، وإنما كان ينكر من المأثورات ما كان فيه حجر على الضمائر، أو مفاخرة بالتقوى الكاذبة والنفاق المكشوف، وفيما عدا هذا كان يشارك أسرته في أفراحها القومية، ويذهب إلى الهيكل، ويأمر بشراء القربان، بل يأمر بسداد الفرضة التي كانت تفرض على كل رأس من رءوس بني إسرائيل.

وفي سنوات مضت زار بيت المقدس، ولم يذكر قط أنه تخلف عنه في إحدى السنوات منذ بشر برسالته في الجليل، وكان يذهب مع أصحابه القلائل، ثم يعود إلى الجليل دون أن يحس زيارتهم سدنة الهيكل، وذوو الشأن في العاصمة الدينية ، ودون أن يشتبك الفريقان في نضال .

لكن كيف يكون الذهاب إلى بيت المقدس في هذه السنة؟

إنه لا يذهب إلى العاصمة هو وأصحابه كما كانوا يذهبون في السنوات الماضية.

إنهم يعدون الآن بالألوف في أنحاء الجليل، وإذا قدرنا أن نيفا وثمانين مسيحيا يعدون من التلاميذ، فالمسيحيون الذين لا يعدون منهم قد يبلغون عشرة أضعاف هذا العدد أو يزيدون.

فكيف يذهب هؤلاء المئات مع معلمهم إلى بيت المقدس خفية يتسللون إليها، ولا يعلنون ولاءهم للمعلم الذي يحج معهم إلى المدينة؟ ولماذا هذا التسلل وهذا الاختفاء؟

هنا موقف من المواقف التي نسميها مواقف استلهام الغيب واستخارة الحوادث.

أيذهب إلى بيت المقدس مع مئات التلاميذ والأتباع منكرا لرسالته حذرا من إعلانها مع هذا الجمع الذي لا يسهل معه التخفي والاستتار؟!

وماذا يقع من أثر التخفي والاستتار في نفوس المؤمنين برسالته الروحية إن لم تقل برسالته المسيحية؟!

أيؤمن أحد منهم أن رسالة روحية أو مسيحية تعم العالم في الخفاء، وتستتر لسبب من الأسباب، فضلا عن السبب الذي يسبق إلى الأذهان لأول مرحلة، وهو الحذر والاتقاء؟!

Shafi da ba'a sani ba