وإليك صورة من نابوليون وهو في السادسة والعشرين، كما رسمها لنا ستاندل:
كان أغرب رجل عرفته في حياتي، وأشد الناس هزالا، وكانت ثيابه رثة خلقة، حتى لا يكاد الناظر إليه يصدق أنه جنرال، ولكنه كان جميل النظر، فتان اللحظ، ممتلئا حياة حين يتكلم، ولولا نحوله البالغ حده الأقصى لاجتذب الأنظار ما فيه من رقيق الملامح وجميل الابتسام.
أما شجاعته فلم يكن سبيل للشك فيها.
وفي إحدى التظاهرات كان نابوليون الجنرال يسير على جواده وهو حديث العهد بالإبلال، فأحاطت به عصبة من النساء بين العويل والوعيد يطلبن خبزا، وتقدمت إليه منهن واحدة بدينة وهي تصيح: «ألا إن هؤلاء الرجال يهزءون بنا، ولا يهمهم مات الشعب أو عاش إذا ملئوا بطونهم وسمنوا هم»، فأجابها نابوليون بلطف: «انظري يا سيدتي، من منا نحن الاثنين أكثر سمنا؟!» وكان في ذلك اليوم شديد النحول، كثير الاصفرار، غائر العينين.
نابوليون على جمله في مصر.
وفي 8 مارس سنة 1796 تزوج من أرملة بومارشه، وفي 21 منه ذهب لتسلم قيادة جيش إيطاليا، وبقيت صحته في اعتلال، كما يظهر من رسائله إلى زوجته جوزفين، فقدم استعفاءه في سبتمبر.
ومن 10 سبتمبر سنة 1797 إلى 11 مايو سنة 1798 أي مدة إقامته في باريس قبل الرحيل إلى مصر أخذ يشعر بالتحسن والعافية.
ولكن زوجته جوزفين كانت قلقة عليه، فاجتمعت في إحدى السهرات عند باراس بالطبيب كورفيزار، وسألته رأيه في الداء الذي يمكن أن يخاف منه على صحة الجنرال، فأجابها على الفور إنه سيموت بالقلب وسمع نابوليون ذلك فالتفت إلى كورفيزار وقال: «وهل كتبت في ذلك كتابا؟» - كلا، غير أني عن قريب سأفعل. - اكتب إذن، اكتب، ومتى أتيحت لنا فرصة تكلمنا معا عنه.
أما الكتاب فلم يظهر إلا بعد سنين، ولم يقدمه كورفيزار إلى الإمبراطور إلا بعد الطبعة الثانية، وقد صدره بهذه الكلمات:
إلى جلالة الملك والإمبراطور:
Shafi da ba'a sani ba