وقال في موضع آخر: ولا خلاف أن الصحابة أفضل الأمة ثم التابعين بعدهم أفضل من الصوفية بيقين، ولم يعلم أن أحدا منهم افترى عنه كما يفتري هولاء عن الصوفية من الطيران، ومسير مسافة شهر في ساعة من يوم، ونحو ذلك مما(1) لم يظهر للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، دع عنك الصحابة وغيرهم، ثم أن المعلوم أن الفضيل بن عياض(2) وطبقته، وإبراهيم بن أدهم(3) وطبقته، لم يشاهد منهم شيء من ذلك وهم رؤوس هذه الطائفة؛ لأن ذلك خرق للعادة، وإنما ارتسم في أذهان الجهال من أتباعهم شيء من ذلك، ويخيل إليهم(4) قد أتوا به وأشاعوه في الجهال حتى دان بعضهم بأن الله سبحانه حال في نفس الصوفي وقلبه... إلى قوله: ولكن أتباعهم عشقوا الدنيا، فخالفت بواطنهم ظواهرهم، وطرائقهم أقوالهم، فربوا فقراءهم ومريديهم على إيهام الكرامات، فشيعوا عنهم بالمجالات؛ لينالوا بها من وراء العسالات، وهذا من الضعف العظيم في اليقين، والاستهانة بالدين.
Shafi 68