Hashiya Cala Tafsir Baydawi
حاشية الشهاب على تفسير البيضاوي، المسماة: عناية القاضى وكفاية الراضى على تفسير البيضاوي
في الإلتفات فتدبر. قوله: (الحمد هو الثناء الخ) اختلف أهل اللغة في الثناء فقال ابن القطاع: إنه يستعمل في الخير والشرّ، والأصح كما قاله ابن السيد أنه لا يستعمل إلا في الخير وإنّ العام هو الثناء بتقديم النون عى المثلثة، وما ورد على خلافه على ضرب من التأويل والتجوّز كالمشاكلة والتهكم، فهو ذكرى الجميل، وهل يشترط فيه اللسان أم لا فقيل لا، وحقيقة الحمد إظهار الصفات الكمالية سواء كان ذلك باللسان أم لا، ومن ذكر اللسان لم يرد العضو المخصوص، والا لم يكن الله حامدًا لنفسه ولا لغيره حقيقة، وهو ظاهر البطلان بل قوّة التكلم وليس حقيقة التكلم إلا الإفاضة والإعلام مع شعور الفيض، وارادته وبؤيده حديث " لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك " (١ (وإن حمل على المشاكلة أو التجوّز فالمعنى عظمت نفسك أو ذكرت نفسك بكلامك القديم بناء على مذهب الشهرستاتي، أو التخصيص باللسان بالنسبة لحمد العباد، وقيل عليه إنّ قوله والا لم يكن حامدا الخ لا يخلو عن شيء لأنه إن أراد أنه لا يكون كذلك على هذا القول حقيقة فمسلم، لكن قوله ظاهر البطلان في حيز المنع بل هو باطل لأنّ صريح إطلاقهم يدل على خلافه كقول الزمخشريّ والحمد هو الثناء باللسان وحده، وقال في الحواشي الشريفية: ادّعى اختصاصه باللسان لكونه أشبع وأدلّ، فظهر أنّ المراد العضو المخصوص ولو سلم أنه ليس بمراد فليس بمعنى قوة التكلم المذكورة أي لعدم لزوم الإفاضة في حمده لنفسه، وان أراد أنه لاث كون حامد إلا حقيقة ولا مجازا فغير مسلم لجواز إطلاق عليه مجازا كالرحمة، ففي عدم الاحتياج إلى قيد اللسان مناقشة ظاهرة كما أشار إليه الخطابي، وزاد بعضهم فيه على جهة التعظيم ليخرج الهزؤ والسخرية، وقيل لا حاجة إليه أصلًا أما على تعريف الحمد الأول، فلاستغنائه عنه بلفظ اأشناء إذ المتبادر منه ما طابق فيه اللسان الجنان، وأمّا على الثاني فلأن إظهار الصفات الكمالية معتبر فيه قيد الحيثية كما في سائر التعاريف فيخرج ما ذكر، وما قيل أن لفظ الثناء لا يأباه لأنهم فسروه بمطلق الذكر بالخير ليس بشيء على أنه قيل إنّ الوصف على طريقة الاستهزاء ليس وصفة بالجميل حقيقة إذ المستهزىء يريد ضذه على نهج الاستعارة التهكمية وقد يوصف بالجميل ظاهرا بلا قصد للتعظيم ولا للاستهزاء بل حكاية لما يزعمه الموصوف تعريفًا له، وقد فيل أنّ قوله تعالى: ﴿ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ﴾ [الدخان: ٤٩] يحتملهما وهو أيضًا خارج فتدبر. قوله: (على الجميل الاختياري الخ) الجميل ضفة مشبهة من جمل الرجل بالضم والكسر جمالًا فهو جميل وامرأة جميلة وقال سيبويه ﵀: الجمال دقة الحسن والأصل جمالة بالهاء كصباحة فخفف لكثرة الاستعمال، وتجمل تجملًا بمعنى تزين وتحسن فالجميل بمعنى الحسن، فتوصف به الذوات والأفعال كما عليه أهل اللغة قاطبة، فما قيل أنّ الجميل هنا صفة للفعل، ولذا ترك في الكشاف قيد الاختياري يرد عليه أنّ معناه اللغوي أعم،
ولذا قال بعض الفضلاء في حواشيه لا دليل على أنه صفة الفعل إلا أن يقال إنه أخذه من الأمثلة، وفبه بحث. وقال قدّس سره: إذا خص الحمد بالأفعال الإختيارية لزم أن لا يحمد الله سبحانه على صفاته الذاتية كالعلم والقدرة سواء جعلت عين ذاته، أو زائدة عليها بل على انعاماته الصادرة عنه باختبار؟، اللهم إلا أن تجعل تلك الصفات لكون ذاته كافية فيها بمنزلة أفعال اختيارية، وقيل إنّ الاختياري كما يجيء بمعنى ما صدر بالإختيار يجيء بمعنى ما صدر من المختار، وهو المراد هنا على ما فيه، وقيل إنها صادرة بالاختيار بمعنى إن شاء فعل وان لم يشأ لم يفعل لا بمعنى صحة الفعل والترك فيشمل ما صدر بالاختيار وبالايجاب فالاختيار بالمعنى الأعم، وهو الأوّل والثاني أخص أو هو بالمعنى الأخص، ولا نسلم كون الصفات الذاتية غير صادرة بالاختيار لجواز أن يكون سبق الاختيار عليها ذاتيًا كسبق الوجود على الوجوب لا زمانيًا حتى يلزم حدوثها، وقيل إنه بالنظر إلى حمد البشر فالمراد ما جنسه اختياريّ كما قيل في قيد اللسان في الثناء، وإن لم يثترط فيه الاختيارية فالأمر ظاهر ولا يخفى عليك ما يتوجه على ما ذكر، أما أوّلها فإنه مع كونه خلاف الظاهر إنما يحسن إذا كان المعتاد في الأفعال الإختيارية كون فاعلها مستقلًا في إيجادها من غير احتياج إلى شيء آخر من آلة وغيرها
1 / 72