الشارح: «وبصحة العقد» التي هي أخذا مما تقدم موافقته الشرع. «ترتب أثره» أي أثر العقد، وهو ما شرع العقد له، كحل الانتفاع في البيع، والاستمتاع في النكاح،
المحشي: قال القرافي وغيره: الخلاف في المسألة لفظي، لاتفاقهم على أنه في صلاته المذكورة موافق للأمر، وأنه يثاب عليها، وأنه يجب القضاء إن تبين حدثه، وإلا فلا.
ورده الزركشي فقال: «بل هو معنوي، والمتكلمون لا يوجبون القضاء، ووصفهم إياها بالصحة صريح في ذلك، فإن الصحة هي الغاية من العبادة، ولا يستنكر هذا، فللشافعي في القديم مثله: فيما لو صلى بنجس لم يعلمه، نظرا لموافقة الأمر، وكذا من صلى إلى جهة ثم تبين الخطأ، فله في القضاء قولان، بل الخلاف بينهم مفرع على أصل: وهو أن القضاء هل يجب بالأمر الأول؟ أو بأمر جديد؟
الشارح: فالصحة منشأ الترتب لا نفسه كما قيل.
قال المصنف: بمعنى أنه حيثما وجد، فهو ناشيء عنها، لا بمعنى أنها حيثما وجدت نشأ عنها، حتى يرد البيع قبل انقضاء الخيار، فإنه صحيح، ولم يترتب عليه أثره ...
المحشي: فعلى الأول بنى الفقهاء قولهم: «إنها سقوط القضاء، وعلى الثاني بنى المتكلمون قولهم: إنها موافقة الأمر، فلا يوجبون القضاء ما لم يرد نص جديد» انتهى.
وقد يقال: ما رد به لكونه أمرا فقهيا، لا يمنع كونه خلافا لفظيا، كما مر نظيره، مع أن قوله: «ووصفهم إياها بالصحة صريح في ذلك»، مردود بوصف صلاة فاقد الطهورين بها، مع وجوب قضائها، وما علل به لا يقتضي عدم وجوب القضاء، إذ معنى كون الصحة هي الغاية من العبادة، إنما هو قبولها والثواب عليها. قوله: «فالصحة منشأ الترتب لا نفسه كما قيل». أي كما قاله الآمدي وغيره إذ لو كانت نفسه لم توجد بدونه، لكنها توجد بدونه كما في البيع قبل انقضاء الخيار، كما بينه بقوله: «بمعنى أنه حيثما وجد فهو ناشيء عنها» إلى آخره أي فلا يرد ذلك على المصنف.
الشارح: وتوقف الترتب على انقضاء الخيار المانع منه، لا يقدح في كون الصحة منشأ الترتب، كما لا يقدح في سببية ملك النصاب -لوجوب الزكاة - توقفه على حولان الحول.
وقدم الخبر على المبتدأ، ليتأتى له الاختصار فيما يليهما، والأصل ترتب أثر العقد بصحته، وعند التقديم غير الضمير بالظاهر والعكس، ليتقدم مرجع الضمير عليه.
المحشي: فإن قلت: يرد عليه كغيره الخلع والكتابة الفاسدان، فإنه يترتب عليهما أثرهما من البينونة والعتق، مع أنهما غير صحيحين. قلنا: ترتب أثرهما ليس للعقد بل للتعليق، وهو صحيح لا خلل فيه، ونظير ذلك القراض والوكالة الفاسدان، فإنه يصح فيهما التصرف لوجود الإذن فيه، وإن لم يصح العقد.
المقصود بصحة العبادة
صاحب المتن: والعبادة إجزاؤها: أي كفايتها في سقوط التعبد. وقيل: إسقاط القضاء. ويختص الإجزاء بالمطلوب، وقيل: بالواجب.
الشارح: «و» بصحة «العبادة» على القول الراجح في معناها، «اجزاؤها أي كفايتها في سقوط التعبد» أي الطلب، وإن لم يسقط القضاء. «وقيل» إجزاؤها «إسقاط القضاء» كصحتها على القول المرجوح. فالصحة منشأ الإجزاء على القول الراجح فيهما، ومرادفة له المرجوح فيهما.
«ويختص الإجزاء بالمطلوب» من واجب ومندوب، أي بالعبادة لا يتجاوزها إلى العقد المشارك لها في الصحة «وقيل» يختص «بالواجب» لا يتجاوزه إلى المندوب كالعقد. والمعنى أن الإجزاء لا يتصف به العقد، وتتصف به العبادة الواجبة والمندوبة وقيل الواجبة فقط.
Shafi 30