فصل في الكلام في الحواس
اعلم: أن الحواس جعلها الله خمسا؛ لأن المحسوسات خمس، فالحواس: السمع والبصر والشم والذوق واللمس. والحواس أجسام، وفعلها أعراض، وهو الحس.
والمحسوسات خمس وهي: مسموع ومبصر ومشموم ومطعوم وملموس، وهي أجسام وأعراض. فالأعراض: الأصوات والألوان والطعوم والروائح والحرارة والبرودة والآلام. والأجسام (هي) محال هذه الأعراض، وهي: المصوت والمبصر والمطعوم والمشموم والملموس؛ وعلى هذا أجمع أهل العدل والتوحيد من الزيدية والمعتزلة، إلا المطرفية فإنهم قالوا: الحواس لا تدرك إلا الأجسام، والأعراض عندهم لا تدرك إلا بالعلم، وقالوا: هي لا توهم ولا تحل ولا تحل، فنقضوا كلامهم وأثبتوها ثم نفوها.
والعقل الضروري يحكم أن كل معلوم غير الله فهو حال أو محلول، وعليه أجمعت الأمة، إلا ما قالت المعتزلة في الإرادة، وسنذكر إن شاء الله تعالى القول والاحتجاج عند ذكر الأجسام والأعراض في باب معرفة الصنع. وكانت هذه الحواس الخمس تؤدي إلى القلب، وكان اللسان ترجمانا له مع سلامة البنية، وحصول الروح والحياة، فأمكن النظر والتمييز، وبلغ بالعقل صاحبه ما يريد من علم الحقائق وسائر المعلومات.
Shafi 55