واهتزت نظارة محفوظ أفندي، وهو ينفعل قائلا: «لا يا بيه ما تقولش كدة، ما فيش حاجة بعيدة على ربنا أبدا. ربنا قادر على كل شيء، مين يعرف بكرة تيجي تلاقي الدوسيه ظهر فجأة كدة على وش الدوسيهات، الإنسان لازم ما يفقدش الأمل في ربنا بسرعة كدة يا دكتور.»
وقال الدكتور خالد وهو ينفخ: «بسرعة؟! يا شيخ حرام عليك، مش مكفيك ثلاثة أشهر باجي هنا كل يوم، ثم إن ربنا ماله يا أخي؟»
وكأنما أطلق الدكتور مقذوفا ناريا في وجه محفوظ أفندي، أو فجر في جسده قنبلة يدوية، فانتفض محفوظ أفندي على كرسيه، وارتج جسده النحيل داخل البدلة الواسعة، وقال: «أستغفر الله العظيم، أستغفر الله العظيم ...»
ثم التفت إلى الدكتور خالد، وقال في عتاب ولوم شديدين: «ربنا ماله؟ بقى ده كلام تقوله يا دكتور؟»
وانفجر الدكتور خالد غاضبا: «هو أنا قلت حاجة على ربنا يا أخينا؟ أنا ما كفرتش ولله الحمد، وإن كانت المصيبة دي تكفر اللي عمره ما كفر.»
وقال محفوظ أفندي في بلادة: «مصيبة إيه كفى الله الشر؟»
وشد الدكتور خالد شعر رأسه، وصاح قائلا: «بقة انت لسة مش عارف مصيبة إيه؟ مصيبتي! مصيبة الدوسيه. الدوسيه اللي لابس طاقية الإخفاء، مصيبة البعثة اللي حتروح مني!»
وبربش محفوظ ببقايا عينيه المتآكلتين من وراء الزجاج السميك، وقال: «بعثة إيه يا دكتور؟» ويرد الدكتور خالد: «بعثة أمريكا عشان آخذ الدكتوراه.»
واندهش محفوظ أفندي، واتسعت المسافة الرفيعة الضيقة بين جفنيه، وقال: «تاخد الدكتوراه؟! هو انت لسة ماخدتهاش؟ أمال اسمك الدكتور خالد ليه؟»
وهز الدكتور خالد يديه في زهق، وقال: «لا، ده موضوع شرحه يطول، المهم إن ضياع الدوسيه ح يضيع علي البعثة.»
Shafi da ba'a sani ba