Hallaj
الحسين بن منصور الحلاج: شهيد التصوف الإسلامي (٢٤٤–٣٠٩ﻫ)
Nau'ikan
ديني لنفسي ودين الناس للناس
ما للحلاج والناس؟ لقد سما فوق التراب والطين، وتطلع إلى مشارق الروح، ورب الأرباب.
ولنستمع إليه في تلك الضراعة المؤمنة المحبة الملهمة وهو يناجي حبيبه الأكبر وموجوده الأعظم: «... عن ابن الحداد المصري قال:
5
خرجت في ليلة مقمرة إلى قبر أحمد بن حنبل رحمه الله، فرأيت هناك من بعيد رجلا قائما مستقبلا القبلة فدنوت منه من غير أن يعلم، فإذا هو الحسين بن منصور وهو يبكي ويقول: يا من أسكرني بحبه، وحيرني في ميادين قربه، أنت المنفرد بالقدم، والمتوحد بالقيام على مقعد الصدق، قيامك بالعدل لا بالاعتدال، وبعدك بالعزل لا بالاعتزال، وحضورك بالعلم لا بالانتقال، وغيبتك بالاحتجاب لا بالارتجال، فلا شيء فوقك فيظلك، ولا شيء تحتك فيقلك، ولا أمامك شيء فيحدك، ولا وراءك شيء فيدركك ... أسألك بحرمة هذه الترب المقبولة، والمراتب المسئولة، ألا تردني إلي بعد ما اختطفتني مني، ولا تريني نفسي بعد ما احتجبتها عني، وأكثر أعدائي في بلادك، والقائمين لقتلي من عبادك.
فلما أحس بي التفت وضحك في وجهي ورجع وقال لي: يا أبا الحسن، هذا الذي أنا فيه أول مقام المريدين، ثم زعق ثلاث زعقات وسقط وسال الدم من حلقه، وأشار إلي بكفه فذهبت وتركته، فلما أصبحت رأيته في جامع المنصور فأخذ بيدي ومال بي إلى زاوية وقال: بالله عليك، لا تعلم أحدا بما رأيت البارحة.»
صلة الحلاج بالله
هذا الحلاج المحب الفاني، العابد المثالي، السابح في وجده، المحترق في تجربته، المشوق في قربه، الذي ملأ الدنيا بضجيج ضراعاته ومواجيده، قد امتلأت صحف التاريخ بالتهاويل والأباطيل، حول حبه وعقيدته، وحول إيمانه وصلته بربه!
وصفوه بأنه حلولي ينادي بالحلول، ويتخذ الحب والفناء معراجا لغايته، وتنادوا بأنه اتحادي، يحاول برياضاته ومجاهداته وشطحاته، أن يتحد بموجده في تجربة مهمة غامضة! وأنه اتخذ من الوجد والنشوة عند السماع والاستغراق سبيلا إلى هدفه، حتى أصبح في سكره وسبحاته يقول في دعاوى عريضة ... أنا عوضا عن هو! تأليها لنفسه وللإنسان المجتبى المختار الكامل، الذي يجد في ذاته حقيقة ... صورة الله!
فهل كان الحلاج كما قالوا؟ وهل كان الحلاج كما وصفوا؟ لنمش معه خطوات في مناجاته لربه، وخطوات في حديثه عن صلة الإنسان بخالقه.
Shafi da ba'a sani ba