Hakadha Takallam Zaradusht
هكذا تكلم زرادشت: كتاب للكل ولا لأحد
Nau'ikan
وما نظرت إلى المرآة حتى صرخت وخفق قلبي خفوقا شديدا؛ لأن ما انعكس لي في المرآة لم يكن وجهي، بل وجها تقطبت أساريره بضحكة شيطان ساخر.
والحق ما يفوتني تعبير هذا الحلم وإدراك ما نبهت إليه، فإن تعاليمي مشرفة على خطر، والزوان يريد أن ينتحل صفات الحنطة. لقد استأسد أعدائي فشوهوا تعاليمي حتى أصبح أتباعي يخجلون مما وهبتهم.
لقد فقدت صحبي وآن لي أن أفتش عمن فقدت.
وانتفض زارا لا كمن استولى الذعر عليه بل كمأخوذ برؤى وكشاعر هزه شيطانه؛ فوجم نسره وأفعوانه وحدقا بوجهه وقد لاحت بوادر السعادة عليه كتباشير الفجر، فقال لهما: ماذا حدث لي؟ أفما تريان أنني تغيرت؟ أفما تحسان أن الغبطة قد نزلت علي كأنها عصفات الرياح؟
لقد جن شعوري بهذه السعادة فلن يسلم بياني من اختلال هذا الشعور. إن سعادتي لم تزل في حداثتها فتذرعا بالصبر معي عليها.
لقد أوجعتني سعادتي فليكن أساتي كل من أرهقتهم الأوجاع.
إن في وسعي الآن أن أنحدر إلى مقر صحبي وإلى مقر أعدائي، فقد أصبح زارا قادرا على استطراد القول والإحسان إلى من يحب.
لقد آن لحبي أن يتدفق كالنهر يندفع من الأعالي إلى الأعماق، ويتجه من المشرق إلى المغرب.
إن نفسي تندفع مرغية مزيدة في الوديان متملصة من الجبال الصامتة نصخب فوقها عواصف الآلام، ولطالما تعللت بالصبر وعلقت أبصاري على بعيد الآفاق، لقد أرهقتني العزلة فما أطيق السكوت بعد.
أصبحت وكأنني بأجمعي فم أو هدير جدول يتحدر من شامخات الصخور، أريد أن أقذف بكلماتي إلى الأغوار، فيجري نهر حبي في المفاوز البعيدة، ولن يضل هذا النهر سبيله إلى مصبه في البحار.
Shafi da ba'a sani ba